عندما تبّلغنا أن الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله سيطّل يوم الجمعة (أمس الأول)، أي غداة لقاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس في الفاتيكان، إعتقدنا عن حسن نيّة بالطبع، أنه سيخصّص إطلالته هذه المرّة لأمر واحد أحد فقط لا غير.
إعتقدنا أنه سيعطي تعليماته لوزيريه ولزميليهما في حركة “أمل”، بعد التشاور مع الرئيس نبيه بري، بضرورة العودة إلى طاولة مجلس الوزراء، لأنه كفى البلاد تعطيلًا، وكفى الناس إنتظارًا لما سيأتي من خارج الحدود لأنه “إن لم يبنِ ربّ البيت فعبثًا يتعب البناؤون”.
تطرّق السيد نصرالله، في الكلمة التي ألقاها عبر شاشة قناة “المنار” إلى عدة عناوين مهمّة، ونسمح لأنفسنا بالقول إنها ليست الأهّم. بدأها بتوجيه التهنئة إلى الشعب اللبناني لمناسبة عيد الاستقلال، فطالب اللبنانيين بـ”الحفاظ على استقلالهم وأن يحولوه إلى استقلال كامل بدلًا من أن يقولوا أنه شكلي”.
وتطرق إلى موضوع المقاومة والإرهاب، فأكد أن “لا شيء سينال من قدرة وعزم المقاومة”.
وفي ملف كورونا دعا “الدولة والناس والمقيمين في لبنان الى أخذ هذا الموضوع بجدية”، معلنا عن “إعادة تفعيل الخطة التي سبق واعتمدوها في بداية تفشي كورونا، واعتماد أقصى فعالية لخدمة الناس”.
ودعا رئيس الحكومة الى التراجع عن القرارات اتي اتخذتها الحكومة برفع الدعم عن الادوية، ولفت الى ان “رفع الدعم من دون خطة واضحة سيلحق الضرر بشرائح كبيرة من الناس”.
وعن ارتفاع سعر الدولار قال نصرالله: “لا يجوز تركه يرتفع بهذا الشكل”، مشيرا الى مخاطره الكبيرة على البلد، مطالبا بـ”اتخاذ قرارات جريئة وشجاعة بمواجهة المتلاعبين الكبار بسعر الدولار”.
ثم تطرق الى مسألة القضاء، فأتهم القضاة بحماية بعضهم بعضًا، في حين ثمة موقوفون لا يتم انصافهم”. وأكد أن “المسار القضائي الحالي استنسابي ولا يوصل الى نتيجة”.
ورأى أيضًا أن “الشعب اللبناني هو الضحية في ملف المحروقات، لذلك كانت خطوتنا في استيراد المحروقات من ايران لتخفيف المعاناة”، كاشفا عن “الخطوات المستقبلية في هذا الشأن، والتي ستبدأ في الشهر المقبل”. وأوضح أن “كلفة الدعم الذي تحملناه في البيع الأقل من سعر السوق بلغت أكثر من 7 مليون و750 ألف دولار”.
ليس من اللائق أن يُقال لسيد المقاومة ما يُقال عن الآخرين، الذين يتحدّثون عن كل شيء ما عدا ما هو مهمّ ونافع للجميع من دون إستثناء.
وهنا، لا بدّ من أن يقول أحد ما إن أي بداية للحلول الممكنة تكون أولًا وأخيرًا بعودة وزراء “الثنائي الشيعي”، وبالأخص وزيري “حزب الله”، إلى حيث يجب أن يكون الحوار مفيدًا ومنتجًا. فالحكومة التي تتخذ أي قرار في أي قضية إنما تتخذه لمصلحة جميع اللبنانيين، وليس لمصلحة فئة دون سواها. فهي حكومة كل لبنان، وليست حكومة شخص معيّن أو طائفة معيّنة. فما يُتخذ من إجراءات تنفيذية إنما تصبّ في خانة الخير العام، ومحاولة من بين الكثير من المحاولات لإنقاذ ما يجب وما يمكن إنقاذه قبل أن تصبح الأمور التي تحدّث عنها سماحة السيد مستحيلة التحقيق.
لا حلّ لإرتفاع سعر الدولار في السوق الموازية إلا إذا توافق جميع من هم ممثلون في الحكومة، وعبرها، على وضع حدّ لهذا الإرتفاع الجنوني، وللجم مفاعيل ما ينتج عنه من إرتفاع مخيف في أسعار السلع الإستهلاكية.
ولا حلّ لمسألة الدواء والخبز خارج إطار المؤسسات الشرعية، وخارج العمل الحكومي الجامع والمشترك.
لا حلّ لأزمة المحروقات إن لم تجتمع الحكومة وتناقش بالتفصيل ما يقوم به الرئيس ميقاتي والوزراء المعنيون من مساعٍ ضمن خطّة إستجرار الكهرباء من الأردن، والغاز من مصر، والنفط من العراق.
فإذا لم يتنازل “حزب الله” عن مطلبه بالنسبة إلى إقصاء القاضي طارق البيطار وكفّ يده عن إستمرار التحقيق في إنفجار المرفأ، وترك ما للسياسة للسياسة وما للقضاء للقضاء، فلن تستقيم الأمور وسيبقى مسلسل النزف قائمًا ومتفاقمًا إلى حدود الإرتطام الأخير، الذي يتخّوف الجميع من الوصول إليه.
هذا ما كنّا ننتظر سماعه من سماحة السيد، ولكن للأسف لم نسمعه.
المصدر: خاص “لبنان 24”