ما تصبرنيش بوعود وكلام معسول وعهود .انا ياما صبرت زمان على نار وعذاب وهوان، وهي غلطة ومش ح تعود. ولو ان الشوق موجود وحنيني اليك موجود انما للصبر حدود …”
ad
هذه الأغنية لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم ردّدها من بعدها ملايين من عشّاق الطرب الأصيل في المشرقين. وقد تكون كلماتها صالحة اليوم وتنطبق على واقعنا السياسي المأزوم، مع إستمرار تعطيل العمل الحكومي المعوّل عليه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد. إلاّ أن الفرصة لا تزال سانحة قبل أن تُطوى سنة 2021، وقبل الإنتقال إلى سنة الإنتخابات النيابية والرئاسية، حيث تصبح إمكانية تحقيق أي إنجاز إقتصادي أو مالي أو إجتماعي صعبة بعض الشيء، وبالأخص على خط المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. فإذا لم تعد الحكومة إلى جلساتها الإستلحاقية اليوم قبل الغد لإتخاذ قرارات تنفيذية للإجتماعات المتلاحقة التي كان يعقدها الرئيس نجيب ميقاتي في السراي الحكومي مع مختلف الوزراء والمعنيين بالشأن الحياتي، فإن كل شيء سيصبح مؤجلًا إلى ما بعد الإنتخابات النيابية، التي تحتاج بدورها إلى قرارات حكومية.
فإذا لم تعد الحكومة إلى جلساتها الحكومية كذلك فإن هذه الإنتخابات لن تحصل لا في آذار ولا حتى في أيار. فهل هذا ما يريده أو يعمل عليه من لا يريد أن تعمل الحكومة على إنقاذ ما يجب إنقاذه، مع إصرار رئيس الحكومة على أن يكون هذا الإنقاذ “معًا”، لأن الرقص على حافة الهاوية سيودي بنا في نهاية الأمر إلى قعر هذه الهاوية، حيث يصبح الصعود منها من سابع المستحيلات.
ما سمعه الرئيس ميقاتي والوفد المرافق له من قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس يعطي الأمل بأن لبنان غير متروك، وأن المعنيين بوضعه لن يسمحوا بأن ينهار كليًا، على عكس ما يحاول البعض القيام به لتأخير العملية الإنقاذية، التي لا تزال متاحة على رغم الصعوبات والعراقيل.
هذا ما يراهن عليه الرئيس ميقاتي… جلسات مجلس الوزراء لا بدّ من أن تعود
لبنان يتكئ على الأعمدة الثمانية للانقاذ
“إنما للصبر حدود” لا تنطبق على حيثية الرئيس ميقاتي، الذي يحاول السير عكس التيار الجارف، وهو لن يستسلم أو يرمي سلاحه في منتصف المعركة، وهو لن يقدّم هدايا مجانية للذين يحاولون الإصطياد في المياه العكرة.
ad
ليس صدفة أن تتزامن محاولات البعض، عبر الغرف السوداء، في بث الشائعات والمعلومات المغلوطة، والتي لها خلفيات واضحة ومعروفة وأصبحت مكشوفة، عن وصول رئيس الحكومة إلى حدّ القناعة بحتمية تقديم إستقالته اليوم قبل الغد، مع زيارة ناجحة ومثمرة لحاضرة الفاتيكان، بما تعنيه هذه الزيارة من أهمية بالنسبة إلى تأكيد المؤكد في ما يتعلق بالصيغة اللبنانية الفريدة، التي هي نقيض لكل المشاريع الإغرائية الأخرى.
وعلى رغم كل هذه المحاولات التيئيسية لا يزال الإصرار على الوصول إلى الهدف، الذي من أجله كان القبول بتلقّف كرة النار بيدين عاريتين، والوقوف في وجه العاصفة ومحاولة التقليل من أضرارها ما أمكن إلى ذلك سبيلًا.
فالشمس عندما تظهر من جديد من وراء الغيوم الداكنة سيراها الناس وسينسون أن العتمة هي التي كانت مسيطرة لأنهم ابناء النور والرجاء، وهم واحد في معتقداتهم الموحِدّة والموحَدّة، وفي إنتظاراتهم ليوم الخلاص، الذي لا بدّ آت.
هذا ما تعّلمه اللبنانيون من تاريخهم الحديث والقديم، وهذه هي تقاليدهم وعاداتهم الشرقية الأصيلة. وكل ما عدا ذلك فمضيعة للوقت والبوصلة والأهداف والتوجهات.
المصدر: خاص “لبنان 24”