“صندوق النقد الدولي لن يعطي الدولة اللبنانية قرشاً واحداً، إن لم تبدأ بتطبيق الإصلاحات المنتظرة” هذا ما يؤكده الخبير السابق في صندوق النقد الدولي الدكتور منير راشد ، مشيراً إلى أن “صندوق النقد يفاوض الجانب اللبناني باستمرار لكنه يصل إلى حائط مسدود عندما لا يلمس أي نتيجة لنصائحه ومطالبه وشروطه، لذلك لن يعطي صندوق النقد لبنان أي مبلغ من الأموال قبل تطبيق الشروط الموضوعة ومنها: مدى استعداد لبنان لخفض نسبة العجز المالي في الخزينة العامة، توحيد سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، رفع تعرفة الكهرباء وتحسين جباية الإيرادات، تصويب سعر صرف الدولار الجمركي وفق سعر صرف السوق، إنهاء خدمات عدد كبير من المتعاقدين مع القطاع العام…إلخ”.
ويوضح في السياق، أن “الدول الأعضاء في مجلس المديرين التنفيذيين في صندوق النقد، تريد التأكد من أن الدولة المقترضة لديها القدرة على تسديد هذا الدين لأن تلك الأموال هي مجموع اشتراكات تلك الدول في الصندوق”.
في حين يلفت إلى أن “المفاوضات مع صندوق النقد مستمرة، لكنه طلب أرقاماً في مرحلة الإعداد قبل بلوغ مرحلة تحديد الشروط، وبالتالي لن يُقدم الصندوق على أي خطوة إلا عند اكتمال صورة الأرقام بوضوح”، ويتابع: على سبيل المثال هناك نقطة لا تزال ضبابية والمتعلقة بحجم دين لبنان الخارجي والداخلي، إذ حتى الآن لا تزال أرقام الدين مجهولة وكل ما يُحكى في هذا المجال مجرّد تقديرات لا أكثر. كما أن قرار الحكومة اللبنانية حيال هذا الدين لا يزال غير محسوم حتى الآن، وما إذا كانت ستلجأ إلى إعادة جدولته. لذلك يترقب صندوق النقد معرفة مدى استعداد لبنان لتطبيق شروطه وإذا لمس أي رفض لها، فلن يعود متحمّساً للتفاوض ولن يسارع بالتالي إلى إقراض لبنان الأموال التي هو بحاجة إليها.
ويجزم في هذا الإطار، أن “المسألة ليست بهذه السهولة أن يحصل لبنان في كانون الثاني 2022 على مليون دولار من صندوق النقد وانتهى الموضوع، إنما الصندوق يُقرض أي دولة ضمن برنامج يُسمّى “مؤشرات أداء فصليّة” حيث يُقرض جزءاً من المبلغ المقرّر على أساس “فصل من السنة”، ويراقب أداء الدولة الاقتصادي طوال هذا الفصل، إذا حققت هذه الدولة خلاله ما هو مطلوب منها، عندها يُقرضها الدفعة الثانية، وإلا يتوقف عن الدفع فوراً”.
ويوضح راشد أن صندوق النقد والبنك الدولي يحددان شروطاً على لبنان تنفيذها قبل أن يقدّمان له أي قرض أو أي دعم مالي، “من هنا لا يمكن القول إن البنك الدولي أو صندوق النقد لا يريد إقراض لبنان، إنما يشترط تطبيق بعض المطالب قبل الحصول على الأموال”، ويُعطي مثالاً على ذلك “مبلغ الـ246 مليون دولار الذي وافق عليه البنك الدولي في كانون الثاني من العام الجاري، وحتى الآن لم يفرج البنك الدولي عن تلك الأموال لأنه وضع شروطاً لاستخدام هذا المبلغ وأبرزها: تحديد الأسَر الأكثر فقراً، وإعداد معلومات حولها ورفعها إلى البنك الدولي لمراجعتها… لكن حتى الآن لم يحصل ذلك لأن غالبية الأفرقاء السياسيين لا يريدون ذلك لأن تلك الشروط تمنعهم من توزيع الأموال على مناصريهم وناخبيهم”.
يُضيف “من هنا، إن لم يطبّق لبنان شروط صندوق النقد أو البنك الدولي فلن يحصل على الأموال المأمولة”، مؤكداً المعلومات التي تشير إلى أن “البنك الدولي لن يغطي كلفة استجرار لبنان الغاز من مصر، كون “حزب الله” يعارض رفع تعرفة الكهرباء كشرط لتمويل المشروع”، شارحاً أن “قطاع الكهرباء يخسّر خزينة الدولة ويؤدّي بالتالي إلى عجز مالي، علماً أن صندوق النقد يهتمّ كثيراً في خفض العجز وتحقيق شبه توازن بين الإيرادات والنفقات في المالية العامة… فيما دعم الكهرباء المستمر يكبّد الدولة خسائر طائلة، وإذا تم رفع الدعم سيقابله زيادة التعرفة، إذ لا يجوز أن يبقى سعر الكيلوواط بما يساوي سنتاً واحداً، فيما دول أخرى تسعّره بـ12 و13 سنتاً”.