بات بديهيا فقدان المبادرة عند الأطراف المحلية والاتكال على تفاهمات الخارج من أجل الخروج من المأزق ووقف سرعة التدهور نحو الهاوية، ما يضع مصطلح “تدويل الازمة اللبنانية” قيد التداول بما يتناقض مع ابسط معايير السيادة الوطنية.
لا يبدو في الافق السياسي ما من شأنه طمأنة اللبنانيين حيال مصيرهم، بل يمكن القول بأن حالة الانسداد العامة مردها الحسابات المتعددة لمختلف القوى المحلية ، في ظل عدم إتضاح المشهد الإقليمي التي يتوزع بين جولات العنف والقتال في سوريا وليبيا واليمن من ناحية وجولات المفاوضات مع إيران بشقها الأميركي او السعودي من ناحية أخرى.
ضمن هذا السياق، يتابع اكثر من طرف إشارات أميركية تتعمد السفيرة الأميركية دوروثي شيا تظهيرها أمام الجمهور اللبناني، وما يلفت الانظار الاهتمام المتزايد بالجيش وبشخصية العماد جوزيف عون وهذا ما أبرز في أكثر من محطة، يضاف اليه حملة الترويج الأميركي للتغيير في لبنان والذي بانت أولى ثماره عبر التسجيل الكثيف للمغتربين في الانتخابات المقبلة حيث يجزم خبراء الاحصاء بأن غالبية أصواتهم لن تصب لصالح الطبقة السياسية الحالية.
هذا لا يعني أن تقف إيران مكتوفة الأيدي، حيث يكشف مصدر ديبلوماسي عن نهج فريد تتبعه الديبلوماسية الايرانية لرعاية محورها الإقليمي عبر إحالة الإدارة الأميركية والمملكة السعودية إلى اجنحتها العسكرية في المنطقة لمعالجة أزمات داخلية، ما أعطى حزب الله وزنا إقليميا فريدا كما منح الحوثيين ثقلا سياسيا يتجاوز حدود اليمن.
على حين غرة، دخلت روسيا على خط الملف اللبناني بصفته متفرعا من التعاطي مع الازمة السورية كما التعاطي مع الثروات الطبيعية في الحوض الشرقي للمتوسط برا و بحرا، وما اقدمت عليه موسكو من استعداده تسليم الصور الجوية للانفجار مرفأ بيروت يعتبر مؤشرا عن نية للتدخل في الشأن اللبناني، ولكن من دون الغرق في مستنقع الخلافات المحلية.
اندفع الموقف الروسي خطوة إلى الأمام بإتجاه شواطئ بيروت خلال اجتماع رأس الديبلوماسية الروسية سيرغي لافروف مع نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب حين أعرب عن استعداد بلاده تزويد لبنان حاجاته من الوقود، وهي قضية بالغة الأهمية لن تمر مرور الكرام في الميزان الأميركي.
يقارب احد المقربين من روسيا التعاطي الروسي تجاه لبنان بحذر شديد على إعتبار أن الدولة العظمى لها مصالحها التي تتجاوز الحسابات اللبنانية، كون موسكو ، منذ العصر السوفياتي اهتمت بلبنان كونه نافذة العالم العربي على اختلاف الانظمة الحليفة لها والمتخاصمة معها، لكن في المقابل ووفق تعبير السياسي المطلع على عمق النفوذ الأميركي ونفوذ حلفائه في لبنان، من الصعب على روسيا اختراق هذا النفوذ في المدى المنظور.
يشير السياسي المذكور إلى فكرة اساسية تكمن بعدم رغبة الكرملين الاشتباك مع الجانب الأميركي ، خصوصا وان أميركا اعلنت رغبتها بالانسحاب العسكري من سوريا ولكنها بالمقابل أبقت على آبار النفط والمناجم في شرق الفرات تحت قبضة الميليشيات المتحالفة معها حصرا، فضلا عن المصالح الاسرائيلية التي دأبت موسكو على رعايتها وليست بوارد التخلي عنها في المدى المنظور.
lebanon24