يتوجس رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شمّاس “من أن يكون لرفع سعر دولار التعرفة الجمركية، مفعول سلبي على الاستهلاك لغير المقيمين، وبالتالي لا يعود لبنان جاذباً للسياحة التجارية وهذا خطير جداً”.
ويلفت إلى أن الدولة التي تسعى إلى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، تعطي عند رفع سعر الدولار الجمركي مساعدات مالية بـ”يمينها” وتسحبها بـ”يسارها”، وتكون بذلك أدخلت الاقتصاد في دوامة خطِرة، ما يفاقم الوضع ويضرب القدرة الشرائية لدى المواطنين بالضربة القاضية. ويضيف، إذا عمدت الحكومة إلى رفع التعرفات الجمركية من دون وقف التهريب، تكون بذلك تعطي الأفضلية والأولوية للمهرّبين على حساب التجار الشرعيين.
ويؤكد أنّ “تخفيض النفقات يبقى أفضل من زيادة الواردات، لأن النتيجة المحاسبية هي نفسها، لكن الانعكاس على الاقتصاد إذا تمّ رفع دولار الرسم الجمركي، يختلف كلياً للأسباب التالية:
ـ الأسعار الاستهلاكية سترتفع بشكل كبير، اذ ستحصل هناك تراكمات في كل حلقة من السلسلة التجارية وبالتالي سيصل السعر النهائي الى المستهلك بشكل مضاعف.
مع مراعاة اتفاقات لبنان الخارجية في المبادلات التجارية، ولبنان منذ أكثر من 20 سنة متّجه صوب تخفيض التعرفات الجمركية باعتبار أن هذا الخيار جيّد، بحيث تسمى الرسوم الجمركية ضريبة رجعية، وهي ليست ضريبة حديثة أو محفّزة للنشاط الاقتصادي.
خلافاً للضريبة على القيمة المضافة التي يمكن للبناني المغترب الذي يزور بلده أو حتى السائح استرجاعها، فإن التعرفة الجمركية لا يمكن استعادتها، وستصبح جزءًا لا يتجزّأ من التكلفة التي يتكبّدها المقيم والمغترب على السواء
ستزيد بنية الأكلاف في لبنان بشكل كبير، خصوصاً إذا لم يتمّ استثناء المواد الأوّلية الضرورية للصناعة.
وبحسب رئيس قسم الأبحاث المالية والاقتصادية في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل، “بدل أن نشجع الاقتصاد الوطني على النهوض، نبحث عن زيادة الضرائب”، مذكّراً بأن “الاقتراح ليس جديداً وقد تم طرحه في الحكومة السابقة”، ويقول، تحاول وزارة المال البحث عن مصادر لتأمين إيرادات لها في شتى الطرق، واكتشفت الحكومة السابقة أن البعض يشتري سيارات جديدة وفخمة برسوم جمركية على أساس سعر صرف 1500 ليرة للدولار الأميركي. وتقرّر حينها زيادة سعر صرف الدولار الجمركي ما يؤدي إلى زيادة الإيرادات، لكن هذا لا يساعد في تحقيق الهدف إطلاقاً”.
وإذ يتأسف أن “أحداً لا يتطرّق إلى مسألة خفض النفقات، وإعادة هيكلة القطاع العام، ووقف التهريب!”، يقول غبريل “إذا أرادت الدولة تأمين الإيرادات فلتبحث عن الثروات التي جَناها مهرّبو المواد المستوردة المدعومة، عندها لا يعودوا بحاجة إلى زيادة أي رسوم جمركية أو ضرائب”.
ويعتبر أن “الدعم الذي أقرّته الحكومة السابقة كان يُفترض أن يذهب إلى المواطن المحتاج والعائلات الفقيرة أصحاب الدخل المحدود والمنخفض، وكلّف مصرف لبنان ما يناهز 11 مليار دولار من احتياطاته بالعملات الأجنبية، لكن للأسف ذهبت النسبة الأكبر من الدعم إلى التخزين والاحتكار والتهريب، وهناك أشخاص وأصحاب مؤسسات جنوا أرباحاً طائلة من التهريب في فترة قياسية”.
ويضيف، لذلك على الدولة إن أرادت التفتيش عن مصادر تمويل، أن تفرض ضريبة دخل على كل هؤلاء الذين هرّبوا الدواء والسلع والمحروقات، عندها تؤمّن إيرادات للخزينة العامة من دون فرض أي ضرائب ورسوم جديدة. ما يعطي ثقة بأن الدولة جدية بالإصلاح وبتأمين العدالة الاجتماعية.
ويتساءل كيف يُحكى عن أن “رفع الدولار الجمركي لتغطية نفقات المساعدات الاجتماعية للقطاع العام، في حين أعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن الأموال موجودة في وزارة المال ولا حاجة بالتالي لزيادة أي ضريبة؟”. ويخلص غبريل إلى القول إن “رفع سعر صرف الدولار الجمركي يمكن أن يُطبَق ضمن سلّة إصلاحية متكاملة، لكن إقراره منفرداً لن يوصل إلى أي نتيجة”.