من الواضح ان المعركة الاساسية في الانتخابات المقبلة ستكون في المناطق والدوائر المسيحية، فالسياسة تقول ذلك، والتحركات اللوجستية والعملانية ايضا، وحتى اللواحات الاعلانية تشي بالنتيجة ذاتها ، لذلك فإن “التيار الوطني الحر” برئاسة النائب جبران باسيل بات امام امتحان الربح والخسارة الذي لا يمكن له ان يتجاوزه.
لكن كيف يمكن للتيار ان يفوز بالانتخابات؟ وهل يجب عليه ان يحافظ على عدد نواب كتلته، كما في الانتخابات الاخيرة ام عليه زيادة العدد او الدخول الى دوائر جديدة لم يكن قادرا ان يتمثل فيها؟
في معايير الربح والخسارة الانتخابية لا يحتسب فقط عدد النواب الذين يحصل عليهم هذا الفريق او ذاك، فحزب الله مثلا و بأقل من ١٧ نائبا فرض ايصال رئيس الجمهورية كما يريد، وبالتالي فإن التوازنات لا تحدد بعدد النواب فقط.
المجتمع المدني و”الثوار”: هل الانجاز ممكن؟
هل الانتخابات المقبلة مصيرية فعلا؟
من ابرز هموم التيار، ليس نتيجة الانتخابات النيابية بل مصير الاستحقاق التالي، اي انتخابات الرئاسة، وعليه فإن هدفه النيابي يتحدد وفق الاسس التي تفيده رئاسيا، ما يعني ان تقدير فوزه او خسارته في الانتخابات النيابية يتم قياسه وفق موقعه من معركة الرئاسة.
ad
سيخسر التيار حتما عددا من نوابه، وهو في الاصل فقد خسر خلال السنتين الماضيتين عددا لا بأس به من هؤلاء النواب ممن تركوا الكتلة العونية، من نعمت فرام الى ايلي الفرزلي، لكن السؤال هو حول حجم هذه الخسارة، فاذا كانت الخسارة محدودة فهي لا تحسب في معيار التوازنات، اما اذا باتت كتلة “التيار” قرابة العشرة نواب فهذا يعني عمليا خروجه من دائرة الفاعلية في الحياة السياسية.
هذه اولى معايير الربح والخسارة، اما المعيار الثاني فهو النتيجة التي ستحققها “القوات اللبنانية” ، فاذا ترافق تراجع “التيار” مع تراجع في عدد نواب “القوات”، فهذا بحد ذاته مكسب سياسي كبير، اذ ستبقى الكتلة العونية هي الكتلة المسيحية الاكبر وسيخرج رئيس القوات سمير جعجع نهائيا من السباق الرئاسي. اما في حال باتت كتلة القوات اكبر من كتلة التيار او توازيها حجما فهذا بحد ذاته خسارة للعونيين حتى لو لم يتراجع عدد اعضاء كتلتهم سوى نائبين.
اما المعيار الثالث فهو واقع المجتمع المدني، فاذا اقتصرت خروقات المجتمع المدني على الكتائب اللبنانية وبعض النواب السابقين الذين يمتلكون في الاصل حيثيات شعبية، فإن التيار سيحصل على فرصة جديدة، لاربع سنوات، لاعادة ترميم واقعه الشعبي، اذ ان الوجوه الجديدة القادرة على الاستقطاب لم تظهر لمواجهته، وعليه فإن استيعاب خسارته الشعبية سيكون ممكنا، اما اذا حصلت خروقات واسعة في الساحة المسيحية عبر شخصيات ووجوه جديدة، فهذا يعني ان معاناة التيار ومساره الانحداري سيستمران.
المصدر: خاص “لبنان 24”