61ba16be8b1d92b26fcc39e9ad4b72ba1635154616 1
61ba16be8b1d92b26fcc39e9ad4b72ba1635154616 1

ارتفاع أسعار السلع إلى تزايد والبطاقة التمويلية في خبر كان

في حين لا يزال مستوى تضخم أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية في لبنان يسجل ارتفاعات غير مسبوقة، ثمة خشية من أن يصل إلى أوجّه في حال أقرّ قانون تعديل سعر الدولار الجمركي، من جهة، وتفاقمت تداعيات الأزمة المستجدة مع دول الخليج، من جهة ثانية.

لا شكّ أنّ أحداث ما بعد ثورة 17 تشرين والأزمة الاقتصادية مع ما تبعهما من انهيار للّيرة اللبنانية وازدياد وتيرة تهريب السلع المدعومة وارتفاع أسعار المحروقات بعد رفع الدعم عنها، ناهيك عن عدم الاستقرار السياسي المستمر الذي يشهده البلد، جميعها أسباب ساهمت في تحقيق القفزة الجنونية في أسعار السلع على مختلف أنواعها. لكن، ومن خلال الأرقام، يتضح لنا أنّ مسار التضخم الفعلي للأسعار بدأ مع إعلان الرئيس السابق للحكومة حسان دياب وقف دفع سندات اليوروبوند يوم التاسع من آذار 2020 (كما يظهر في الرسم البياني ادناه)، وذلك بحسب الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة. فقد أخذت الأسعار ترتفع باطراد منذ ذلك الحين ليقفز مؤشر أسعار الاستهلاك (CPI) من 120 قبل ذلك الإعلان “المفصلي” إلى 240 في غضون بضعة أشهر، وصولاً إلى 568 في شهر آب من العام الحالي. فهل نحن على مشارف منزلق أشد خطورة مما سبق ومجاعة حقيقية تتربص بشريحة آخذة في الاتساع من المجتمع؟

في هذا الصدد، يعزو رئيس جمعية حماية المستهلك، السيد زهير برو، الأسباب وراء ما آلت إليه الأمور إلى عوامل عدة وهي “دعم التجار وتهريب الأموال والسلع وإخفائها من قبل سلطة الطوائف، إضافة إلى تغطية هذه السلطة وحمايتها لسياسة نهب المصارف للودائع عبر هيركات لامس حدود 90%، ما أدّى إلى كارثة اجتماعية اقتصادية لم يشهد لبنان لها مثيلاً منذ الحرب الأهلية”. كيف لا وقد ارتفعت أسعار أغلب السلع الغذائية والاستهلاكية بمعدّل يوازي سعر الصرف، أي حوالي 1200% إلى 1400%.

يضيف البروفسور عجاقة، في هذا السياق، أنّ أعمال التهريب في لبنان قائمة ومستمرة منذ العام 2011. لكن، وبعد ثورة تشرين، بات التهريب يستهدف أسواقاً أخرى بهدف ترحيل رؤوس الأموال التي حققها التجار. أمّا النتيجة، فتُرجمت أرباحاً صافية بما يقارب 600 مليون دولار أميركي من قبل التجار. فارتفاع الأسعار هو نتاج حتمي للاحتكار بالدرجة الأولى ولتسعير السوق السوداء الذي اعتمده التجار، إذ قاموا أحياناً باستخدام سعر صرف أعلى من سعر السوق السوداء المتفلت أصلاً من كل عقال. زد على ذلك احتساب الضريبة على القيمة المضافة والرسوم الجمركية على سعر دولار السوق السوداء أو أكثر، في حين أنّ الرسوم والضرائب ما زالت تسدّد على سعر الصرف الرسمي، أي 1507 ليرات لبنانية للدولار الواحد. سبب آخر لا يقلّ أهمية عما سبق ساهم في رفع الأسعار ألا وهو كمية العملة المطبوعة بالليرة اللبنانية لغرض تغطية عجز الموازنة وسدّ حاجات زبائن المصارف. أخيراً وليس آخراً، فإن رفع الدعم عن المحروقات وحده نتج عنه ارتفاع في سعر المنتجات الزراعية بواقع 5 إلى 10% تقريباً، وفي سعر ربطة الخبز حوالى 1000 ليرة لبنانية. كما ازدادت أسعار السلع في السوبرماركت حوالى 5% وباقي المواد الاستهلاكية بنسبة 5 إلى 7%.

في المحصلة، وبحسب إدارة الإحصاء المركزي في لبنان، فقد ارتفع معدّل التضخم من 4.5% عام 2017 ليصل إلى 84.9% عام 2020 و99.85% نهاية آب الماضي، أي بزيادة تقارب 2,121% خلال 5 سنوات.

تزامناً، أصبح الكلام عن انعدام أمن اللبنانيين الغذائي واقعاً من صلب الحياة اليومية للمواطن. فبحسب أرقام منظمة “اليونيسف”، ينام 30% من أطفال لبنان اليوم بـ”بطون فارغة”، وهو رقم يعبّر عن حقيقة مؤلمة لا سيّما أنّ البلد لم يصل بعد إلى أسفل درك الأزمة الحقيقية، بحسب معظم المراقبين. هنا، يوضح نقيب مستوردي المواد الغذائية، السيد هاني بحصلي، أنّ الحفاظ على الأمن الغذائي يرتبط بعوامل ثلاثة: توفّر الغذاء، صحّة الغذاء وإمكانية الوصول إليه. وهذه العوامل مجتمعة غير متوفّرة حالياً في لبنان بطبيعة الحال. فإنتاج المواد الغذائية يتراجع خاصة في ظل عدم نضوج سياسات إنتاجية بناءة وتزايد هجرة الكوادر. أمّا نوعية السلع المستوردة، فهي في تراجع مستمرّ نتيجة غياب الرقابة وإدخال الكثير من المواد الفاسدة، أضف إليها انعدام القدرة الشرائية عند المواطن ما يمنعه من الحصول على الكثير من السلع المبتغاة. هنا لا بدّ من طرح السؤال: متى كان الأمن الغذائي في لبنان متوازناً حيث شكل الاستيراد من الخارج 85% من الاستهلاك الغذائي لفترات طويلة؟ والحقيقة أن جلّ ما قامت به الأزمة الحالية هو نزع ورقة التين عن حالة عدم الاتزان المزمنة هذه.

إليكم المزيد من الأرقام المقلقة: ففي دراسة لبنك “أن بي دي” الإماراتي، يتوقع أن ينخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للبنان بنسبة 90% مع نهاية العام الجاري، مقارنة مع ما كان عليه في العام 2019. كما أعلنت منظمة الإسكوا أنّ 1.25 مليون عائلة لبنانية هي اليوم تحت خط الفقر، 40% منها تحت خط الفقر المدقع و60% تحت خط الفقر العام.

يشير السيّد برو إلى أنّ أسعار سلة السلع الأساسية التي تحتاج إليها الأسرة اللبنانية سجّلت إرتفاعاً كبيراً، وأنّ استمرار هذه الوتيرة التصاعدية نتيجة الأحداث المتلاحقة ينذر بانزلاق سريع وخطير نحو حالة من التضخم المفرط. وفي ما يلي رسم يبين ارتفاع معدّل التضخم لأسعار المستهلك في لبنان خلال شهر آب 2021 مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي:

ويضيف السيد برو، بناء على تقديرات إدارة الإحصاء المركزي، أنّه يتعين على العائلة التي كان يقدّر مدخولها الشهري بمليوني ليرة لبنانية، والتي كانت تعتبر أصلاً على حافة الفقر، أن تجني اليوم 30 مليون ليرة للحفاظ على نفس مستوى المعيشة الذي اعتادت عليه. هذا في حين أنّ 72% من الأسر في لبنان لا تتعدى مداخيلها مليونين وأربعمائة ألف ليرة لبنانية، ما سيجعلها تواجه صعوبة حقيقية في تأمين قوتها بالحدّ المطلوب. نتطرق إلى الحديث عن زيادة الدولار الجمركي ومفاعيل الأزمة الديبلوماسية مع دول الخليج، فتصبح الصورة أكثر قتامة.

إذ في حين يوصّف السيد برو قرار زيادة الدولار الجمركي بأنه أحد سياسات إرضاء الدولة لصندوق النقد الدولي على حساب الشعب، يعلق السيد بحصلي قائلاً: “إنّ تدهور قيمة الليرة أدّى إلى انخفاض الرسوم الجمركية. لا شك أنّ هذا القرار سيحقق أرباحاً هائلة في إيرادات الخزينة لا سيما أنّ لا خيارات بديلة للحكومة لزيادة وارداتها. وإذا ما نظرنا إلى واقع الأمور، فالدولار الجمركي في حال إقراره سيعيد الرسوم الجمركية إلى ما كانت عليه سابقاً. نحن لا نتكلم هنا عن زيادة الرسوم الجمركية وإنما عن إعادتها إلى نسبها الطبيعية. فالرسم الجمركي على سلعة ما والذي كان يشكل 1%، مثلاً، لن يزيد إلى 10%، بل سيبقى 1% إنما على سعر صرف مغاير”. لكن بحصلي يضيف أنه في حال لم يقترن هذا القرار بخطوات جدية تدعّم القدرة الشرائية للمواطن، فـ”إنني أحذر من تفاقم الوضع المعيشي بشكل خطير في المرحلة المقبلة مع إمكانية ازدياد نسبة اللبنانيين الرازحين تحت خط الفقر”.

ولدى الاستفسار عن مفاعيل الأزمة الخليجية في حال توقف عمليات الاستيراد والتصدير، يجيب البروفسور عجاقة أنّ الأزمة لم تؤثر حتى الساعة نظراً إلى أنّ معظم المصدرين يبقون على أموالهم في الخارج. لكن التداعيات لن تتأخر بالظهور في المرحلة المقبلة. فكون لبنان يعتمد بالدرجة الأولى على عمليات الاستيراد والتصدير، سيؤدي أيّ إقفال متماد لأي سوق إلى شلل اقتصادي تام. أما في حال حصول عمليات ترحيل لعمال لبنانيين، فسينعكس ذلك سلباً على كمية الأموال الطازجة التي تدخل البلاد والتي تُعتبر اليوم مصدر الأوكسجين شبه الوحيد لغالبية الأسر اللبنانية.

“الدستور يمنع المس بالاحتياطي”، وبالتالي لا يرى البروفسور عجاقة كيف يمكن استخدامه، “اللهم إلّا إذا قام المشرّع باختلاق بدعة ما”. أما بالنسبة إلى البطاقة التمويلية، فهناك إجماع على أنها “شيك بدون رصيد”، هذا إن توفر لها التمويل بالدرجة الأولى. كذلك، فقرض البنك الدولي لم يقرّ حتى الساعة، والتعديلات التي قام بها المجلس النيابي على الاتفاقية وأقرّها في القانون 291 في آذار الماضي تم رفضها من قبل مجلس إدارة البنك الدولي. وعلى الرغم من أن المجلس طرح على جدول أعمال جلسته الأخيرة اقتراح قانون للعودة عن تلك التعديلات، إلا أنّه تمّ تطيير الجلسة بلعبة النصاب.

ويبقى السؤال: إلى متى سيتواصل الاستخفاف في لقمة عيش الأطفال والأسر؟ الجواب على لسان البروفسور عجاقة مجدّداً: “يعاني الاقتصاد اللبناني من ثقب في الدورة المالية مع هروب الدولارات إلى الخارج وعدم دخول دولارات جديدة. وبالتالي سيستمر التضخم إلى حين إغلاق هذا الثقب وضبط الاحتكار”. إذ إن المعالجة الجدّية لا تكون إلا عبر إجراء إصلاحات مالية واقتصادية ونقدية تزيد من الصادرات وتقلل من الواردات. والحل الجذري لا يكون هو الآخر إلا بتحويل الاقتصاد اللبناني من اقتصاد استهلاكي الى اقتصاد منتج عبر تحفيز القطاعات الإنتاجية ودعمها.

الوصفات موجودة، إلا أن الطامة الكبرى تتمثل بحكومات متعاقبة هي إما غير راغبة أو غير قادرة على محاربة الفساد وإصلاح البنية التحتية لمؤسسات الدولة، وعلى رأسها القضاء الذي من المفترض أن يكون رأس حربة محاسبة المتجاوزين. فـ”من أمِن العقاب أساء الأدب”، والمواطن هو غالباً أول وآخر من يدفع الثمن.

المصدر: نداء الوطن

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

إنخفاض جيد بتحديث اسعار المحروقات اليوم في لبنان

أسعار المحروقات في لبنان اليوم اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *