كتبت لبنى عويضة في “سكوبات عالمية“:
عزيزي المواطن، طالما حكم عليك البقاء في الرقعة التي تسمى “لبنان” فحكماً أنت ممنوع من أدنى حقوق الإنسان التي ترفع شعاراتها حول العالم، ألا وهي الطبابة والإستشفاء.
قبل سنوات مضت، أخذ اللبناني يطالب بضمان الشيخوخة خوفاً من الأمراض التي ترافق هذه المرحلة العمرية ومن أجل ضمان حصوله على الطبابة بكلفة متدنية، واستمرت هذه المطالبات لغاية اليوم الذي أصبح الدواء غير متاح حتى للأطفال، وامتدت الأزمة لتشمل “حليب الأطفال”، ولعل هذا ما ينبئ بمجزرة في حق أطفال الفقراء.
ولم تكتفِ كارتيلات الدواء بهذا الحد، بل احتكرت جميع الأدوية إلى حين وقعت فيه كارثة لا تحمد عقباها، وهي رفع الدعم الكلي عن الأدوية، حتى تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة.
صفعة جديدة يتلقاها كل من يعيش في لبنان ولا طائل له على الهجرة، ولعل المواطن هو الوحيد الذي سيدفع ثمن فاتورة بقائه في هذا الوطن المنهك والفاقد لأدنى مقومات العيش الكريم.
وبحجة ترشيد الدعم للأدوية، صعق المجتمع اللبناني يوم أمس بما كانت السلطة الحكيمة تحيكه في الخفاء، وهو الإعلان عن إطلاق رصاصة الرحمة على المواطنين. وأمام هذا الواقع المتأزم يبدو أن الدواء أضحى لطبقة الأغنياء فقط.
وأما عن الإفلاس المحقَق سواء من جهة الدولة أو مصرف لبنان، فقد وضع اللبناني أمام خيارين لا ثالث لهما، وهما إما عدم المرض والحرص منه، أو حتمية الموت الرحيم.
إذ أنه قبل فترة قصيرة علت الصرخات بسبب ارتفاع فواتير المستشفيات، وبهذا تجنّب اللبنانيون الدخول إليها خوفاً من فاتورتها الباهظة والمسعّرة على الدولار الذي عجزت الدولة العتيدة عن وضع حد لانفلاته.
ومن جهة أخرى، علت الاستنكارات والاحتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي بما آلت إليه أوضاع الدواء، لكن على أرض الواقع لم يحرّك ساكناً مع أن الوضع ينذر بكارثة لا بل “مجزرة”، لكن اللبناني فضّل الجلوس خلف شاشة حسابه على “فيسبوك” وإدانة الواقع، وفي النهاية ما عليه إلا انتظار الموت خلف جدران منزله.
المصدر: سكوبات عالمية – لبنى عويضة