يدفع لبنان ثمن “عهد حزب الله”… وفي وقت كان يفترض فيه ان يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لاعباً اساسياً في الحياة السياسية والدستورية، يبدو ان في عهده يرفض الحزب أن يكون لديه أيّ شريك.
لذلك كان طبيعياً أنّ يعطل الحكومة ويكبلها وينسف جلساتها في وقتٍ مصيري تعيشه البلاد. ومعلوم ان هيمنة حزب الله – ومن ورائه إيران- على السياسة الخارجية، ادّى الى عزل بيروت عن عمقها العربي، جراء سياساته الهجومية المتكررة تجاه المملكة العربية السعودية ورفع سقف المواجهة معها.
وامام الازمات المُفتعلة، شكّل القرار السعودي الاخير بقطع العلاقات مع لبنان صدمة قاسية، ورسالة واضحة لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي “الانقاذية مع وقف التنفيذ”، كما انّ هذه الهجمات الشرسة على المملكة لن تمر مرور الكرام، ومن دون عقاب وأثمان موجعة، فما يحصل يدمر الاقتصاد اللبناني المتهالك والمديون بمليارات الدولارات.
وعلى وقع هذا التوتر، لم تجتمع الحكومة منذ الثاني عشر من تشرين الاول بسبب الخلاف حول التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، وحزب الله في قلب هذا الخلاف من خلال مطالبته بإقالة القاضي طارق البيطار الذي يتهمه بالتحيز.
وفي حين يحذّر مراقبون من ترك الحزب يقود مسالك هذه الأزمة، يبدو ان الاخير رسم خطوطاً حمراء أمام إقالة وزير الاعلام جورج قرداحي أو استقالته.
وفي الموازاة، نُقل عن زوار بعبدا انّ الرئيس عون، غاضب ازاء تعطيل الجلسات الحكومية، فأتت الضربة الاولى بعدم نجاح مساعيه في تليين موقف الحزب والتدخل لتهدئته اما الضربة الثانية، هي ببيانات كتلة حزب الله النيابية المتكررة ضد السعودية.
من جهتها، تكشف مصادر قريبة من التيار الوطني الحر، انّ رئيس الجمهورية غير قادر على الموافقة على إقالة البيطار ولا رئيس الحكومة، لأن ذلك سيؤدي إلى توجيه ضربة قوية للحكومة والعهد معاً. ولفتت المصادر عبر “اخبار اليوم”، الى ان حزب الله ما زال مصرا على تنحية البيطار كشرط لإعادة تفعيل عمل مجلس الوزراء، مشيرة في الوقت عينه الى البحث عن مخرج داخلي للخروج من هذا المأزق ما زال دون نتائج. وبالتالي ابدت المصدر عينها خشيتها من ان استمرار هذا الواقع يعطل آخر مقومات العهد وينسف آخر فرصة للانقاذ!
وعلى صعيدٍ متصل، سألت مصادر فرنسية في حديثها الى “اخبار اليوم” كيف أنّ الحكومة لا تجتمع أبداً في ظلّ كل هذه الأزمات الاقتصادية، وأين القادة السياسيون الذين لا يأبهون لمعاناة الشعب وما زالوا يتصارعون لأجل مصالح خاصة وحسابات سياسية ضيقة؟