جابر لـ”النهار”: ميقاتي حصل على احتضان دولي يحد من تصاعد االجراءات
موريس متى
لبنان يخوض حاليا غمار مفاوضات “شاقة” مع صندوق النقد طامحا للوصول إلى مذكرة تفاهم معه قبل نهاية العام تمهد للحصول على بعض المليارات التي تساعده على
سلوك طريق التعافي توازيا مع تعهد بإجراء إصالحات كشرط اساسي للحصول على االموال وتوقيع المؤسسة الدولية على برنامج تمويلي يفتح الباب أمام الحكومة اللبنانية
إلعادة إحياء ما تبقى من مؤتمر “سيدر” والحصول على بعض المساعدات والمنح والبرامج التمويلية من جهات دولية اخرى. حاليا تستمر االجتماعات “التقنية” والتشاورية بين
وفد صندوق النقد والوفد اللبناني المفاوض، فيما ال تخفي مصادر متابعة لهذه اللقاءات خشيتها من مصير المفاوضات التي أصبح نجاحها مرهونا بالتطورات السياسية الداخلية
في لبنان وبمصير الحكومة، وهو ما جعل رئيسي الجمهورية والحكومة يؤكدان ان الحكومة مستمرة بمهامها واالستقالة غير واردة في ظل االزمة الطاحنة بين بيروت والعواصم
الخليجية والتي أدت إلى سحب السفراء. مصادر صندوق النقد تقول لـ”النهار” ان مسؤولي الصندوق يتابعون يوميا التطورات السياسية واالقتصادية في لبنان للبقاء على إطالع
كاف حول سير االمور واتخاذ القرارات المناسبة. فالتقارير اليومية حول لبنان تصل إلى مسؤولي الصندوق الذين يؤكدون ان االزمة اللبنانية – الخليجية ال تؤثر بشكل مباشر
نما الخالف السياسي الد
على مسار المفاوضات وا اخلي ومصير الحكومة التي، في حال تحولت إلى تصريف االعمال، فان هذا االمر يحتم وقف المفاوضات. ولكن، حتى
اللحظة، المفاوضات مستمرة وشروط التفاوض قائمة مع التزام كل طرف متابعة الملفات التي اوكلت اليه. فالمصرف المركزي يتابع وضع تصور لتوحيد اسعار الصرف واعادة
تقيي عادة هيكلة ا
م الخسائر وا لقطاع المصرفي، أما نائب رئيس الحكومة الدكتور سعادة الشامي فيتابع من كثب ملف الخسائر والجوانب الماكرو- إقتصادية والمالية. في حين
عادة تقييم خسائر الدولة وآلية إطفائها
ان وزير المال يوسف خليل يتابع الملف المالي وا . أما وزير االقتصاد فيتابع الملفات االقتصادية والبطاقة التمويلية.
بالعودة إلى مسار المفاوضات، فاالجتماعات قائمة وهذا االسبوع سيشهد سلسلة لقاءات بين الوفدين بحضور الخبراء.
وتلفت المصادر إلى ان مسار المفاوضات رهن بالمسار السياسي ومصير الحكومة، ولكن االزمة مع الخليج ستحمل انعكاسات سلبية على لبنان، ليس على مستوى التفاوض
مع صندوق النقد ولكن خالل المرحلة التي تلي توقيع االتفاق. فأي برنامج تمويلي مع الصندوق قد يحصل لبنان بموجبه على ما بين 2.1 ملياري دوالر وصوال إلى 4 مليارات،
فيما تعويل لبنان هو على االموال التي قد يحصل عليها بعد التوقيع على البرنامج التمويلي مع الصندوق وتحديد الجهات الدولية والدول المانحة االخرى وعلى رأسها الدول
الخليجية، علما ان الرهان في السابق كان على الحصو ل على ما يقارب 9 مليارات دوالر من هذه االطراف وهو ما أصبح صعب المنال بعد االزمة الحالية. فكل المعطيات
تؤكد ان دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء قطر، لن تحضر اي مؤتمر مالي – إقتصادي لمساعدة لبنان في المرحلة المقبلة. كما يراهن لبنان على تحرير جزء مما تبقى
من اموال مؤتمر “سيدر”، وللدول العربية والمؤسسات المالية العربية جزء اساسي من المساهمات التي قدمت إلى لبنان خالل هذا المؤتمر. يومها، أعلن البنك اإلسالمي للتنمية
تخصيص 057 مليون دوالر للبنان على مدى 5 سنوات، إضافة إلى منح الصندوق العربي للتنمية االقتصادية واالجتماعية لبنان قرضا بقيمة 577 مليون دوالر. كما منحت
المملكة العربية السعودية لبنان قرضا ميسرا بقيمة مليار دوالر، فيما أعلنت الكويت إعطاء لبنان قرضا ميسرا بقيمة 087 مليون دوالر على مدى 5 سنوات. أما حصة قطر
فكانت بقيمة 577 مليون دوالر.
في هذا السياق، يشدد النائب ياسين جابر على “ضرورة ان يساعد الجميع في لبنان في تلقف االحتضان الدولي الذي حصل عليه الرئيس نجيب ميقاتي خالل مشاركته في
مؤتمر المناخ في غالسكو لناحية المساعدة في إنضاج الحل لألزمة مع الخليج”، مشيرا إلى ان التصريحات والمواقف التي سمعها الرئيس ميقاتي خالل لقاءاته “تؤكد ان ال أحد
من القوى الكبرى يريد ان يشهد لبنان المزيد من االنهيار، كما تساعد هذه اللقاءات والمواقف الدولية في عدم تصاعد االجراءات العقابية ضد لبنان”.
نوعا من
ّ
لبنان ينتظر الحصول على توقيع صندوق النقد على برنامج تمويلي، وهو توقيع يعد “شهادة” من المؤسسة الدولية بأن لبنان سيلتزم تنفيذ االصالحات، ما يعني بدء
ترميم ما تبقى من ثقة أمام المجتمع الدولي، ليحمل لبنان هذا التوقيع و يجول به على الدول العربية والغربية والجهات المانحة بحثاً عن اي دعم، اضافة إلى رهان لبنان على
عقد مؤتمرات دولية لمساعدته على حشد مساعدات عربية وغربية، وهو ما لن يحصل في حال لم تصحح العالقة اللبنانية – الخليجية. فأي مؤتمر ال تشارك فيه الدول الخليجية
التي تعتبر تاريخيا من الدول المانحة، سيفقد حكما ثقة المجتمع الدولي ولن يخرج بأي مساعدات للبنان. ومن هنا، يعود جابر ليؤكد “ضرورة بقاء الحكومة إلنجاح مسار
التفاوض مع صندوق النقد، والشروع فورا باالصالحات المطلوبة، فليس بالوعود تتحقق االمنيات و يحصل لبنان على المساعدات. وصندوق النقد كان دوما يشدد على ضرورة
ّ وجود حكومة للتفاوض معها”، الفتا إلى انه “ليس بالهروب يمكن معالجة المشكلة الحالية مع اء الذي يساهم أيضا في معالجة التحديات
الخليج بل بالوعي والتروي والنقاش البن
الحالية”.
ّ ولكن، هل يمكن ان تؤثر دول الخليج على مسار تفاو ه ألي دولة عضو في صندوق النقد يجب ان يحصل على موافقة
ض لبنان مع الصندوق؟ إن أي برنامج تمويلي موج
مجلس الرؤساء التنفيذيين ومجلس المحافظين في الصندوق، وأي دولة يمكنها ان تعترض او تمارس ضغوطا لوقف اي برنامج تمويلي موجه من الصندوق ألي دولة أخرى.
لكن قوة االعتر اض رهن بحصة الدولة المعترضة في الصندوق. فبيانات صندوق النقد تظهر أن الدول العربية األعضاء في المؤسسة الدولية تبلغ حصتهم نحو 01.5 ،% أما
السعودية فتعتبر عضوا فعاال ومهما في الصندوق، حيث تأتي في المركز األول بين الدول العربية واإلسالمية األكثر مساهمة في الصندوق، إذ تبلغ مساهمتها فيه 999.9
مليار وحدة حقوق سحب خاصة مع نحو 592.21 مليار دوالر، تمثل نحو 2.1 %من إجمالي حصص األعضاء البالغ عددهم نحو 289 عضوا، وتأتي في المركز الثاني
عشر عالميا من حيث حصة المساهمة، فيما تصل حصة االمارات إلى 49.7 %والكويت إلى 42.7 %والبحرين إلى 78.7 .%في هذه الحال، تؤكد مصادر متابعة لمسار
المفاوضات مع صندوق النقد ان السعودية والدول الخليجية لن تؤثر على اي قرار في ما يتعلق بمسار المفاوضات مع لبنان، ولكن يمكن ان تؤثر هذه الدول على حلفائها
وعلى رأسهم الواليات المتحدة التي تعتبر في المرتبة األولى من التصنيف العالمي من حيث الحصص في صندوق النقد بنحو 994.81 مليار وحدة حقوق سحب خاصة بنحو
50.274 مليارات دوالر.