عندما تُختصر مساحة وطن منكوب بمسؤوليه غير المسؤولين ببضعة أمتار تمتد من أمام تمثال المغترب الى بوابة المرفأ رقم ٣،
وعندما تنشق صفوف أولياء الدم الذي هُدر عمداً أو إهمالاً لا فرق، بين لجنة أهالي الضحايا والشهداء واللجنة التأسيسية لعوائل الشهداء، وعندما تنقسم وقفة الأهالي الشهرية في ذكرى الإنفجار غير النووي الذي حصد ٢٢٠ ضحية كان آخرها عباس المظلوم الذي ظلمه القدر بإبقائه سنة وثلاثة أشهر على فراش الألم، الى وقفتين حزينتين يجمعهما القهر وتفرقهما السياسة،
وعندما يصبح من حق المشتبه به أن يختار القاضي الذي سيحقق معه،
وعندما تتحوّل العدلية الى ميدان للمعارك السياسية،
وعندما يستعيض المسؤولون عن “قبع” الإنهيار والإحتقان في صفوف الناس المنكوبين بأزمات لا تنتهي ب” قبع”المحقق العدلي الواحد بعد الآخر،
وعندما يتحوّل القاضي من مدّعٍ الى مدّعى عليه، كلها علامات أزمنة قضائية تنبىء بأننا بتنا على قاب قوسين أو أدنى من إعلان إنتهاء التحقيق في إنفجار المرفأ قبل أن يبدأ ودخوله في سبات سرمدي ،على جري العادة في لبنان حيث تظل الجرائم من دون فاعل وملفاتها فارغة.
في لبنان وذات حزيران، سقط فوق قوس العدالة في صيدا أربعة من خيرة قضاة لبنان إغتيالاً على يد مجموعة إرهابية مسلحة، وبعد مرور حزيران عشرين مرة، دوّى صوت مطرقة المجلس العدلي جهورياً معلناً إنزال عقوبة الإعدام بحق الجناة الذين ينعمون الى الآن برفاهية الإقامة في مكان عصيّ على القوى الأمنية، فهل سينتظر أولياء دم ضحايا وشهداء المرفأ ومعهم غالبية اللبنانيين مرور آب عشرين مرة لمعرفة من قتل أبناءهم وآباءهم وأشقاءهم؟ وهل سيتمكن المحقق العدلي القاضي طارق البيطار من الإفلات هذه المرة، وبعد ١٤ دعوى ضده، من براثن “القبع” الممنهج لكف يده عن متابعة التحقيق؟ وهل سيتمكن مخطط محبوك و “مزهِر” من تطيير المحقق العدلي ووضعه خارج الخدمة؟ يبدو من الوقائع الظاهرة أن الأمر قُضي، وان مطرقة العدل قد تهشّمت ، او كادت، وان حطامها بات قريبا من أقواس المحاكم او فوقها.
المصدر: خاص “لبنان 24”