حسناً فعل رئيس الجمهورية ميشال عون بعدم توجيه كلمة الى اللبنانيين بمناسبة انقضاء السنة الخامسة من الولاية الرئاسية وبدء السنة الاخيرة من العهد، لان مهما كان مضمونها، فإن اللبنانيين في واد، والسلطة السياسية التي دمّرت ابسط مقومات حياتهم في واد آخر. فماذا لدى الرئيس ليقوله؟ ربما لأنه لم يجد كلاماً مقنعاً لهذه المناسبة فقد أحجم عن الكلام وكأن ولايته قد انتهت.
يبدأ العهد العوني سنته الاخيرة في ظل ازمة غير مسبوقة في العلاقات اللبنانية العربية وتحديداً الخليجية، وشكّلت مواقف وزير الاعلام جورج قرداحي نقطة الماء التي جعلت الكوب يفيض وتذهب الامور الى مسارات كل الحلول لها محاطة بالتعقيدات، خصوصاً ان احداً لم ينتبه الى ان تقديم المصلحة الوطنية العليا تتقدّم على كل الاعتبارات الاخرى.
في المعلومات التي حصلت عليها “نداء الوطن” من مصدر واسع الاطلاع ان “تأخر الوزير قرداحي في الاستقالة زاد من الامور تعقيداً، بينما لو تمّ استشعار المخاطر التي لا تُخفى على احد نتيجة حالة الغضب الخليجي والسعودي على وجه الخصوص، بسبب انفلات بعض اللبنانيين غير المسبوق في التعاطي مع الرياض، لكان حلّ الامور اسهل نسبياً من خلال موقف سريع بعيداً من الاستعراضات القاتلة”.
ويؤكد المصدر ان “استقالة قرداحي، ان حصلت، لن تعيد الامور الى نصابها، لأن هناك شيئاً لا بل اشياء تكسّرت، يحتاج ترميمها الى عقل دبلوماسي متمرّس، والى رجال دولة يحسنون استنقاذ الوضع، لان الموقف السعودي ومعه الخليجي آخذ بالتصعيد، والخشية من ان تصل الامور الى مرحلة اللاعودة سياسياً واقتصادياً ومالياً”.
ويوضح المصدر ان “الهدف من استقالة قرداحي هو فتح الباب للوساطة، لا بل الوساطات العربية والاقليمية والدولية، وهذا ما تبلّغه لبنان من الاشقاء والاصدقاء، إن من سلطنة عمان او من فرنسا والولايات المتحدة الاميركية، وعدم الاستقالة سيقفل باب الوساطات ويأخذ الامور الى اجراءات تصعيدية لا يستطيع ان يتحمّل اي مسؤول تبعاتها على الواقع اللبناني”.
ويضيف المصدر: “المؤكد وغير القابل للنقاش ان استقالة قرداحي ضرورية وبلا إبطاء، وعلينا ان لا نقارب المسألة من باب حرية الرأي والتعبير وهذا الامر مقدس، انما الوضع الآن مختلف كلياً”.
ويكشف المصدر ان الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي اتفقا على حتمية استقالة قرداحي، وتحدث ميقاتي الى الاخير باسمه وباسم عون ناصحاً اياه بالاستقالة، الا انه لم يستقل ولا يزال يتعامل مع الموضوع بخفّة سياسية ووطنية، وهو منبهر بما تموج به وسائل التواصل الاجتماعي من مديح وتمجيد وتعظيم لا تصرف في القاموس السياسي اللبناني الا مزيداً من الانهيار الذي يجهز على ما تبقّى من مقومات صمود”.
ويشير المصدر الى ان “ما يحتاج الى علاج سريع هو بداية وقف الاجراءات عند هذا الحدّ والذهاب سريعاً الى بدء العلاج من خلال حوار اخوي حقيقي، كون المعطيات تشير الى أن الخطوة التالية المقاطعة الكلية والشاملة لدول الخليج للبضائع اللبنانية، وصولاً الى الاجراء القاتل المتمثّل بمنع تحويلات اللبنانيين في الخليج الى ذويهم في لبنان، وهذا يعني ان الامور ذهبت الى الخراب الكبير”.
ويلفت المصدر الى “ان ميقاتي، وبالتفاهم مع عون يعمل على منع الاذى عن اللبنانيين، وهذا الامر لا يكون بمواقف تنمّ عن خفّة وعدم مسؤولية، ومدخل منع الاذى هو استقالة قرداحي لضمان السماح بالتصدير والتحويلات المالية، اما عدم الاستقالة والاستمرار في العناد سيكون استقالة الحكومة، وحينها نصبح في فوضى شاملة ومعها كل الاحتمالات
نداء الوطن