لعلها من أكثر المفارقات ان تجري الانتخابات النيابية في عز الازمات المستفحلة من دون حملات انتخابية مشحونة وخالية من الشعارات والبرامج السياسية، ومرد ذلك الى التشكيك بنوايا بعض اهل السلطة لتطيير الانتخابات او تمريرها بأقل الخسائر الممكنة.
انطلاقا من ذلك ، تواجه استطلاعات الرأي مشكلة جوهرية كونها غير قادرة على تحديد اتجاهات الرأي العام، فليست مهمة بسيطة كيفية تحديد وجهة انتخابية لشعب يغرق في مستنقع من الازمات، ما يسحب البساط من تحت كل القوى التي ادت إلى هذه النتيجة المأسوية، ورغم ذلك تؤكد شركات الاحصاء عدم تراجع تأييد الاحزاب سوى بنسبة ضيئلة، وعليه فإمكانات تغيير الطاقم الحاكم شبه معدومة.
تأتي انتخابات 2022 بشكل معاكس لكل المحطات الانتخابية السابقة، فعام 1947 شكلت نتائج الانتخابات الشرارة الأولى لثورك شعبية بوجه الرئيس بشارة الخوري الذي رغب بالتمديد، فكان لا بد من تطويع مجلس النواب المكون من 55 نائبا فقط وهكذا دواليك في دورات لاحقة حتى انفجار الحرب وإقرار إتفاق الطائف عندما ترسخت تغييرات داخل النظام السياسي قوامها تقليص صلاحيات الرئاسة الأولى وتوزيعها بين البرلمان والحكومة.
في الوقت الراهن، تتزامن الانتخابات مع أكثر الأوضاع حراجة، ويواجه لبنان عواصف قد تهدد وجوده وكيانه، و رغم ذلك يعم الاجواء السياسية خواء كبير حيث تحاول القوى المحلية تمرير الاستحقاق على قاعدة “مكره أخاك لا بطل”، نتيجة الضغوط الغربية كونها ترى بصناديق الاقتراع بابا للتغيير بدل اندلاع العنف في الشارع والذهاب نحو حرب أهلية جديدة.
يؤكد مراقبون بأن الخواء السياسي مرده أثقال هدف الانتخابات ،المتمثل بسلاح حزب الله ، على الجميع، حيث من الواضح بأن أميركا و حلفاءها يدعمون خيار التغيير و يستندون إلى مشاعر الغضب التي تعم اللبنانيين ما قد يؤدي إلى انقلاب سياسي من باب نزع الأكثرية النيابية من يدي حزب الله وحلفائه و هي ليست بالمهمة السهلة والبسيطة.
في المقابل، لا يمكن إخفاء محاولات تجنب تجرع كأس الانتخابات عبر إثارة السجالات بشأن التعديلات المفترضة، بينما يسير لبنان على صفيح ساخن وقد يستلزم دخوله العناية المشددة مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية والرئاسية ، فما شهدته عين الرمانة لا يبشر بالخير على الاستقرار الداخلي الذي قد يطيح بكل الاستحقاقات دفعة واحدة.
المصدر: لبنان 24