مَا كَادت “التسوية البطريكيّة” تطلُّ برأسها حتى وجدت من أعَاد دفنها لعدِة إعتبارات، فقد تحرَّك البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لِطرح التسويّة التي تَوافق عليها مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي والتي تَقضي بفصل التحقيق بقضيّة المرفأ بين مُتهمين عاديين ونوّاب ووزراء وإحالة هؤلاء إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، مُقابل أنْ يُقفل ملف إستدعاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في قضيّة أحداث الطيونة.
وقد وُجِهت التسويّة برفض طرفَيْن أساسيَين، الطرف الأول هو حزب الله على إعتبار أنّ إحالة النواب والوزراء إلى المجلس الأعلى فات عليه الزمن أيّ أنّه لم يَعُد مطلبه الأساسي فهو مَن يطمح إلى تنحية المُحقق العدلي لإعتبارات أخرى أبرزها إرتياب “الحزب” من التنسيق بين القاضي البيطار والسفارات من أجل إصدار قرار اتهامي يستغله أفرقاء سياسيين يتنشقون “الهواء الخليجي” والغربي في الإنتخابات النيابية وعلى رأسهم خصوم “الحزب” والـ “NGOs”.
أمّا الطرف الثاني الذي يَرفض التسوية بشدّة هو “التيار الوطني الحر وجبران باسيل تحديداً، ففي إعتباره أن وجود البيطار وتهديده “الحصانة النيابية” لنواب ووزراء “أمل” و”المردة” هو ورقة أساسيّة في تحجيم الرئيس نبيه بري ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، كما أنّ ما طرأ في ملف أحداث الطيونة يخدمه أيضاً في مواجهة خصمه التاريخي أيّ القوّات اللبنانية في ساحة الإنتخابات بعد الدور الذي مَارسه برّي في إسقاط كل تَوجّهات “التيار الوطني” في القانون الإنتخابي”.