لم تُحسم بعد عودة الحكومة إلى العمل، على رغم المرحلة المصيرية التي تعصف بالبلد، وذلك، بمعزل عن التطمينات التي كان أطلقها رئيسها نجيب ميقاتي، الذي يتحرّك في كل الإتجاهات ولا يترك وسيلة إلا ويستخدمها لإعادة تدوير محرّكات حكومته التي انقضى على توقفها لأكثر من أسبوعين، وذلك في ظل الحديث عن أن الدور الفرنسي آخذ في الإنكفاء لصالح العودة الأميركية من بوابة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.
وبانتظار نضوج الحلول، بحسب وزير سابق، يمكن عندها الحديث حول كيفية خروج البلد من معضلاته وأزماته السياسية والمالية والإقتصادية، إضافة إلى تبيان مسار العمل الحكومي، وتحديد مصير حكومة “إلى العمل” وما إذا كانت ستجتمع مجدّداً، أم أنها ستتحوّل إلى حكومة تصريف اعمال لا أكثر ولا أقلّ.
ويعتبر الوزير السابق نفسه، أن ما يحصل في المرحلة الحالية لا يعدو كونه عملية تصفية حسابات سياسية بين عدة أطراف، لا سيما بين “التيار الوطني الحر” وحركة “أمل”، بحيث كان لافتاً الردّ السريع لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، بالأمس، على خلفية اتهامه بالتواطؤ مع “القوات اللبنانية” لنسف التحقيقات الجارية في تفجير المرفأ، كما لجهة التنسيق في المجلس النيابي في التعديلات المقترحة على قانون الإنتخاب. ويحذّر الوزير السابق، من أن تصفية الحسابات هذه متّجهة بشكل تصاعدي غير مسبوق، وذلك على خلفية معلومات تتحدّث عن أشهر صعبة أمام لبنان واللبنانيين قبيل الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة، خصوصاً على جبهة “التيار الوطني الحر” وحركة “أمل”، في ظل إصرار “التيار” على إحداث شرخ بين “الثنائي الشيعي”.
وعليه، تابع الوزير السابق، أن المواجهات السياسية المتوقّعة بين أكثر من طرف، سيكون لها وقعها وتأثيرها على صعيد الإنتخابات النيابية، إما لإجرائها وفق الأجندة الخاصة لبعض الأطراف الفاعلة ومصالحها، وإما تطييرها من الأساس، من خلال إحداث بعض التوتّرات في هذه المنطقة وتلك، لتبرير عملية التطيير هذه. وبالتالي، وبحسب الوزير ذاته، فإن عنوان المرحلة المقبلة سيتمحور حول توظيف كل الأوراق التي بحوزة كل فريق من الأفرقاء، ومن بينها التعطيل الممنهج لمجلس الوزراء، بغية تحويل التعطيل الحكومي إلى مادة للإبتزاز تستعمل عند الحاجة لأهداف باتت واضحة للجميع.
وأخيراً، وحيال هذه الأجواء الضبابية، فإن المعلومات المستقاة من المتابعين والمواكبين لحركة الإتصالات التي يجريها الرئيس ميقاتي، يجزمون بأنه مصرّ على استخدام كل الوسائل المتاحة من أجل إعادة تفعيل الحكومة من جديد، والإنطلاق في تنفيذ ما التزم به أمام اللبنانيين، كما أمام داعمي هذه الحكومة، وفي مقدّمهم باريس، وإن كانت الإدارة الفرنسية قد بدأت ترسل إشارات توحي بأنها باتت قريبة إلى أن تعلن يأسها من الوضع اللبناني والمسؤولين فيه، تمهيداً لإقرارها ربما، بأن كل العملية السياسية التي انطلقت مع تشكيل الحكومة، قد باتت أقرب إلى الباب المسدود.
المصدر: ليبانون ديبايت – فادي عيد