استعاد التصعيد زخمه على الساحة اللبنانية بعدما بلغ التراشق حدود الشتائم والاتهامات بين “التيار الوطني الحر” من جهة و “حركة امل” و “القوات اللبنانية” من الجهة المقابلة، على خلفية مبادرة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لمعالجة أحداث الطيونة حيث تلقفها الرئيس نبيه بري، لكن سرعان ما تعرضت لقنص سياسي مركز.
يستحضر سياسي مخضرم لمقاربة أحداث الطيونة الأخيرة وتطويق “القوات اللبنانية” خطأ ارتكبه الراحل كمال جنبلاط عندما رفع شعار “عزل الكتائب” زمن الحرب الأهلية حيث أدى إلى نتائج معاكسة تماما لناحية الالتفاف الشعبي العارم الذي استفاد منه الحزب المسيحي يومها لشد العصب وتأمين تعاطف عربي و دولي.
ف”القوات اللبنانية” حققت مكاسب شعبية كثيرة من حادثة الطيونة بغض النظر عن هدف استدعاء رئيسها سمير جعجع إلى التحقيق، فالتعاطف الشعبي في الشارع المسيحي مهم في ظل حالة التشظي وغياب المشاريع السياسية الواضحة ، كون اللبناني والاستقرار بالحدود الدنيا مرتبطا بخريطة التحالفات الاقليمية.
لذلك، ومن وجهة نظر معارضة، فقد اخترقت “القوات” الدفاعات الأولى لمواجهة سلاح حزب الله ،ولو على قدر ضيق جدا خلال أحداث الطيونة، كون قيادة “حزب الله “تدرك مخاطر التورط في اقتتال داخلي ولو في ظل ضخامة الترسانة العسكرية. كما نال جعجع “شرف” تخصيص السيد حسن نصرالله نحو ساعتين من خطابه لمهاجمته وكيل الاتهامات له ما سيعزز من رصيد “القوات” انتخابيا في الشارع المسيحي.
ولكن الملاحظ كان انسحاب حزب الله من الخطوط الامامية رغم تثبيت مطلبه بالتحقيق الكامل والشامل باحداث الطيونة ليتصدر المشهد حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تعمد تسديد ضربات متتالية إلى “التيار الوطني الحر” ، انطلقت مع إقرار قانون الانتخابات عكس ما يشتهي النائب جبران باسيل وتكللت باستضافة البطريرك الماروني والبحث عن مخارج لملف انفجار المرفأ وقضية أحداث الطيونة.
هنا يبرز التساؤل عن سر صمت الحزب أمام المعارك الدائرة بين حلفائه ، فالقطيعة تبدو شاملة بين حليفيه المسيحيين جبران باسيل وسليمان فرنجية والصراع بين” التيار” و “الحركة”متجدد وبلغ حد الاشتباك على سلسلة محاور، وبالتالي من مصلحة حزب الله تأمين نواة جبهة صلبة يرتكز إليها في العمق اللبناني تحميه من هجمة شرسة إقليميا و دوليا.
تشير مصادر سياسية إلى ان حسابات حزب الله تتجاوز البعد الداخلي رغم أهميته لذلك ينصب اهتمامه حاليا على مواكبة التغييرات المرتقبة في المشهد الإقليمي والتي ستنعكس حكما على الواقع اللبناني على غرار ما حصل عام 1990. فالمفاوضات الجارية بين إيران و السعودية ستفضي حكما إلى تفاهمات تتعلق بجملة ملفات من ضمنها لبنان، وحزب الله من منطلق الشريك والمؤثر يسعى إلى صياغة ترتيبات بين الطرفين ستتم ترجمتها فور التوقيع على إتفاق نهائي وتنعكس على الاستحقاقات المقبلة وأبرزها الانتخابات الرئاسية .
المصدر: لبنان 24