بعد تصدير السلاح والمسلحين الى حدودها الجنوبية، والمنتجات الزراعية المحشوة بالكبتاغون الى اراضيها، وبعد حملات التخوين والتهم بالعمالة ضد قياداتها، مرورا بالازدراء بعاداتها وتقاليد شعبها والاستخفاف به، على ألسنة حزب الله وحلفائه في لبنان وآخرهم وزير الخارجية السابق شربل وهبي، سُددت طعنة جديدة في جسد العلاقات اللبنانية – السعودية خصوصا واللبنانية – الخليجية عموما، او ما تبقّى منها، على لسان جورج قرداحي، أحد وزراء حكومة الاختصاصيين، المكلّفة إنقاذ لبنان من مأزقه الاقتصادي، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
الرجل اعتبر أن “السعودية والإمارات تعتديان على الشعب اليمني”، وأن الحوثيين يمارسون “الدفاع عن النفس”. وقال في تصريحات لبرنامج “برلمان شعب” الذي يبث عبر “الجزيرة”، في معرض رده على سؤال حول موقفه مما يحدث في اليمن “شعب يدافع عن نفسه، هل يعتدون على أحد؟ في نظري الحرب اليمنية عبثية يجب أن تتوقف”. ثم اعترضه مقدم البرنامج، قائلا”الحوثيون يطلقون الطائرات المفخخة المسيرة باتجاه الأراضي السعودية”، فرد قرداحي “ونرى الأضرار التي تلحق بهم في بيوتهم وجنازاتهم وأفراحهم، وأنهم يقصفون بالطائرات.. حان الوقت لهذه الحرب أن تتوقف لأنها عبثية”. واعتبر أن “الحوثيين يدافعون عن أنفسهم في وجه اعتداء خارجي”، ليوجه له أحد الحضور سؤالا “هل تعتبر أن الإمارات والسعودية تعتديان على اليمن”؟، فردّ “أكيد فيه اعتداء، ليس لأنهم السعودية أو الإمارات ولكن لأن هناك اعتداء منذ 8 سنوات مستمرا، وما لا تستطيع تنفيذه في عامين أو ثلاثة لن تستطيع تنفيذه في 8 سنوات”.
لن نتوقف عند التوضيح الذي اصدره قرداحي مشيرا الى ان المقابلة سُجّلت قبل توزيره، ولا عند تكرار اهل الحكم من بعبدا الى السراي، معزوفة تمسّكهم بأفضل العلاقات مع الاشقاء العرب وتأكيدهم ان ما قيل لا يعكس الموقف الرسمي من المملكة والقضية اليمنية… تضيف المصادر المعارضة، بل ان هذا التصريح يعكس مرة جديدة، نوعية وزراء، تم اختيارهم في ادق مرحلة من عمر لبنان، حيث توالت غالبيتهم، منذ تأليف الحكومة، على الادلاء بمواقف كارثية تعكس تسرعا وقلة المام بملفاتهم وبالشأن العام المحلي والخارجي ككل… وبدلا من المسارعة الى تأكيد انضوائه تحت راية الموقف اللبناني الحكومي والتقيّد به منذ لحظة توزيره ، بدا قرداحي في بيانه يجدد موقفه من الحوادث اليمنية، قبل ان يعقد مؤتمرا صحافيا اليوم لم يكن ايضا لصالحه بل “هو اتى ليكحّلها فأعماها”، وهذا ما توقّف عنده اليوم سفير اليمن في لبنان عبدالله عبدالكريم الدعيس قائلا “سأتوجه إلى وزارة الخارجية اللبنانية لتقديم احتجاجنا على ما صدر عن وزير الإعلام ونحن نستنكر هذا الكلام وتصريحه بالأمس زاد الطين بلّة إذ لم يقدّم أي اعتذار بل أكّد على ما أدلى به”.
الاخطر في كل ذلك، ان السعودية انزعجت بشدة من “الزحطة” اللبنانية الرسمية الجديدة. ففيما سارع سفيرها وليد بخاري الى زيارة السفارة اليمنية صباح اليوم، وقد ادلى الدعيس بمواقفه، على مسامعه، تشير المصادر الى ان المملكة المنكفئة اصلا عن الشأن اللبناني، قد تذهب نحو قطيعة اكبر مع لبنان الرسمي فيما الاخير يسعى جاهدا، ورئيس حكومته في شكل خاص، لفتح نافذة تواصل ولو صغيرة، مع المملكة، أهمّ داعمي لبنان العرب تاريخيا. وما يؤكد هذا التوجّه السلبي المتشدد، اعادة بخاري امس نشر “تغريدة” لـ”SMM ARABIC”، “تنسب لمصادر مطلعة أن العاملين اللبنانيين في القنوات السعودية قد يواجهون الاستبعاد بسبب تصريحات وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي”، على وقع معلومات تفيد بأن المملكة تطلب اقالة قرداحي من منصبه.. كما ان دول مجلس التعاون ككل قد توصد ابوابها في وجه لبنان نهائيا حيث رفض الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف فلاح مبارك الحجرف، “جملة وتفصيلا تصريحات قرداحي والتي تعكس فهما قاصرا وقراءة سطحية للأحداث في اليمن”، مطالبا قرداحي “بعدم قلب الحقائق”، و”بالاعتذار عما صدر منه من تصريحات مرفوضة”، مؤكدا أن على الدولة اللبنانية أن توضح موقفها تجاه تلك التصريحات”.
بعد حصار الثنائي الشيعي للحكومة من الداخل، هل تأتي القطيعة العربية لها من الخارج، لتُجهز عليها، ام هل سيلقى قرداحي مصير وهبي؟
المصدر: المركزية