الأسبوع الماضي، فتح مسلحون النار في بيروت على محتجين اعترضوا على سير وتيرة التحقيق في قضية انفجار المرفأ والتي مضى على حدوثها حوالى العام. قُتل ستة أشخاص وأصيب العشرات في قتال شوارع ردد صدى الحرب الأهلية السابقة في البلاد. قبل أسبوع واحد فقط، انهارت شبكة الكهرباء في لبنان لمدة أربع ساعات يوميًا، وهي أحدث أثر مرئي للأزمة الاقتصادية في لبنان والتي وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من “أشد الأزمات على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر”.
هذا بعض ما ورد في مقال لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية تحت عنوان: “لماذا لا يستطيع قادة لبنان إصلاح أزمة البلاد الاقتصادية؟”.
سألت الصحيفة: “ما مدى سوء الوضع؟”وأجابت بنفسها: “في آذار 2020، تخلفت الحكومة عن سداد ديونها الخارجية، وعلى مدى العامين الماضيين فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها. وبين عامي 2018 و2020، انخفض حجم الاقتصاد اللبناني بنسبة 40٪، ومع تقلص الطبقة الوسطى بشكل كبير، يعيش ثلاثة أرباع السكان الآن تحت خط الفقر. كما ويؤدي النقص المستمر في الوقود والأدوية إلى طوابير طويلة وحتى اشتباكات مسلحة أمام محطات الوقود”.
وأضافت: “ومع ذلك، بالكاد تمكنت الجماعات السياسية اللبنانية من تشكيل حكومة، بعد 13 شهرًا من الانتخابات النيابية. هذا ليس بجديد على لبنان يدرك الجميع، من الطبقة السياسية اللبنانية إلى الناس العاديين والرعاة الأجانب، أن الوضع الراهن غير مستدام. إذاً، لماذا لم يتغير إلا القليل؟ وما الذي يفسر الجمود المؤسسي؟”
وأضافت الصحيفة: “للإجابة على هذا السؤال ، يجب أن نعود إلى درس أساسي من الاقتصاد السياسي: غالبًا ما تستمر “المؤسسات دون المستوى الأمثل” على الرغم من النوايا الحسنة. فحتى لو دعم القادة السياسيون الإصلاح الاقتصادي، فحوافزهم ضعيفة لتنفيذه. والسبب بسيط: المؤسسات غير الفعالة تخدم مصالح النخب السياسية الحاكمة، ويجد السياسيون صعوبة في الالتزام بإصلاح نظام يعود عليهم بالفائدة”.
في لبنان تكمن المشكلة جزئياً في نظامه الطائفي. يتم تحديد الأحزاب السياسية الرئيسية في لبنان على أسس دينية، مثل السنة والشيعة والمسيحيين والدروز. وتنبع قوة السياسيين اللبنانيين من قدرتهم على التوزيع الاستراتيجي لفرص الدخل داخل دائرتهم الانتخابية.
وأضافت الصحيفة، “مع تصاعد الأزمة الاقتصادية التي قللت من فرص اللاعبين السياسيين لتوزيع الثروة، كان على الأوليغارشية البحث عن مصادر تمويل جديدة. والدعم من الدول الأجنبية يأتي في متناول اليد، وكذلك الأمر بالنسبة لقدرات القادة على تحصيل الرسوم التنظيمية من القطاع الخاص في الدولة. تاريخياً، استحوذ عدد قليل من الشركات المرتبطة سياسياً على معظم حصة السوق في قطاع الغاز والأدوية وقطاعات الاستيراد الأخرى في لبنان، مما حد من المنافسة وتنمية القطاع الخاص وخلق فرص العمل والنمو الاقتصادي”.
القطاع المصرفي هو واحد من هذه القطاعات المرتبطة سياسياً. يعمل في لبنان 54 مصرفاً تجارياً، 20 فقط من هذه المصارف تمتلك إجمالي ودائع أعلى من 1 مليار دولار وهي ليست شركات تابعة أو مملوكة بالكامل لبنوك أجنبية. وتمتلك هذه البنوك العشرين 99 في المائة من أصول البنوك التجارية الموحدة، وهي علامة على ارتفاع تركيز السوق.
على الصعيد العالمي، يقدم العديد من البنوك المركزية أسعار فائدة سلبية لزيادة الاستهلاك والاستثمار ونمو التوظيف. أما في لبنان فقدم المصرفيون ورعاتهم السياسيون أسعار فائدة أعلى بمرتين لإثراء أنفسهم وعملائهم.
وختمت الصحيفة، “هذا الواقع يترك لبنان عالقًا في مأزق في بنيان مؤسساته على الرغم من الانهيار الاقتصادي المدمر”.