سبق الانهيار المعيشي – الاجتماعي الحكومةَ. فالاخيرة تتفرج ولا تجتمع بفعل الاشتباكات السياسية والشروط التعجيزية التي يضعها حزب الله وحركة امل لاستئناف جلساتها، والتي يبدو رئيسها نجيب ميقاتي رضي بالسكوت عنها، فعلّق العمل الوزاري حتى اشعار آخر، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”. امس، تلقى اللبنانيون ضربة قوية أغرقتهم اكثر في فقرهم، وربّما أقعدتهم نهائيا وشلّت حركتهم تماما. ففيما اكثر من نصفهم بات تحت خط الفقر وبالكاد يكفيه راتبه لتأمين المأكل بالحد الادنى، ارتفعت اسعار المحروقات في شكل جنوني، ودفعة واحدة.
هذا الارتفاع كان متوقعا، تقول المصادر، الا ان ما كان يفترض القيام به من قِبل الحكومة الوليدة، هو استباق هذه “الصفعة” الموجعة للبنانيين، وتخفيف وطأتها عبر خطوات تساعدهم على الصمود بالحد الادنى، منها مثلا البطاقة التمويلية وتحسين الرواتب (…) لكن ايا من هذه الاجراءات لم يتم اتخاذها، لان الوزراء في “إجازة” قسرية فرضها عليهم الثنائي الشيعي، الى ان يتخلّص من همّ المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار.
وسط هذه الاجواء برز موقف لوزير الثقافة المحسوب على حركة امل محمد مرتضى الاثنين، قال فيه إن إذا دعا ميقاتي الى جلسة فسيحضرونها، مضيفا “نحن لم نهدد ولم نعلّق جلسات مجلس الوزراء ولم نفرض بند تغيير البيطار بل عرضنا ملاحظات على ادائه لكل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء”… وعلى الاثر، باشر ميقاتي سلسلة اتصالات مع الثنائي، قبل ان يزور قصر بعبدا اليوم حيث استقبله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
لكن وفق المصادر، فإن اي اتفاق لم يحصل على عقد جلسة لمجلس الوزراء، في انتظار ايجاد الصيغة التي تريح الحزب والحركة من همّ البيطار، ولم يتمكن السعاة ومنهم رئيس الاشتراكي من الفصل بين التسوية القضائية المرتجاة والتي يفترض ان تطبخ في “قصر العدل”، وبين العمل الحكومي.
غير ان المصادر لا تستبعد ان يباشر “الثنائي” عملية خفض تدريجي لسقف موقفهما تفضي في نهاية المطاف الى التراجع عن مقاطعتهما مجلس الوزراء، وذلك تحت وطأة الاوضاع المعيشية الضاغطة، واداركه ان الغلاء الفاحش سيفجّر الشارع، ولن تكون المناطق “الشيعية” في منأى عنه، ما سيضع الحزب والحركة في “بوز المدفع” لكونهما يعوقان عجلة الانقاذ والمساعدات الدولية الموعودة.
وفي انتظار استفاقة ضمائر اهل المنظومة، الخارج حريص على اللبنانيين اكثر من “اولياء امرهم” المفترضين، ويستصرخها التحركَ كي يساعدها. في السياق، وبعد زيارة وفد من صندوق النقد، لبنان، زار وفد من البنك الدولي السراي الكبير امس وضم المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في البنك ساروج كومار جاه، ممثلة البنك في لبنان منى قوزي، حيث التقى ميقاتي في حضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، والوزير السابق نقولا نحاس. وتم خلال اللقاء البحث في وضع برنامج شبكة الأمان الاجتماعي وتحريك الإصلاحات في مجالَي الطاقة والمياه.
فهل يُفكّ اسر الحكومة قريبا، ام يُترك الناس فريسة الانهيار والعوز، ضحيّة شروط الحزب والحركة؟