تشير كل المعطيات الى ان الانتخابات النيابية حاصلة رغم كل الشدائد الا في حال وقوع ما يهدد مجمل الوضع الأمني والسلم الاهلي ، مرد ذلك ليس حرص اهل الحكم على احترام الدستور والقوانين بقدر ما هو مرتبط بالضغط الخارجي وعدم الثقة بغالبية الطبقة الحاكمة التي لا تتوانى عن فعل اي شيء في مقابل الاحتفاظ بالسلطة.
يقول متابعون للوضع إن نقاشات مجلس النواب حيال قانون الانتخابات باتت تحت المجهر من قبل عدد من السفارات الفاعلة، وكذلك الاهتمام بمسار التحضير للانتخابات العامة وتجاوز تداعيات أحداث الطيونة وما نتج عنها من تعليق جلسات الحكومة، فيما الحركة الداخلية تمحورت حول سبل عدم الانزلاق إلى جولات عنف قد تعكر السلم الاهلي وتعيد منطق الحواجز والمعابر بين اللبنانيين.
في السياق، يؤكد هؤلاء بأن الضغط الخارجي لناحية احترام الاستحقاقات الدستورية وإعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية ولمنطق الدولة مرتبط بخطط الإنقاذ الاقتصادي ومنح لبنان بعض القروض المالية نتيجة بلوغ الازمة حد الارتطام الكبير وانهيار الدولة، وقد أبدى الجانب الفرنسي ذهوله من استسهال البعض الانزلاق إلى صراعات عبثية بدل تركيز الجهود على سبل الإنقاذ.
انطلاقا من ذلك ، ثمة مؤشرات على تجاذبات قد تسفر عن عدم إجراء الانتخابات في موعدها، خصوصا بعد رفض النائب جبران باسيل التعديلات التي اُدرجت على القانون خلال جلسة مجلس النواب الأخيرة و التهديد بالطعن بها أمام المجلس الدستوري ، كما احتمالات عدم توقيع رئيس الجمهورية على القانون و رده الى مجلس النواب ما قد يعيد التجارب السابقة بالتصديق عليه مجددا من قبل المجلس.
“المراوحة القاتلة” كما وصفها زعيم سياسي هي السائدة في الوقت الراهن، حيث تم إدخال نهج في العمل السياسي لم يكن معهودا في السابق يقوم على تعطيل المؤسسات او ترحيل الملفات الحساسة حتى إيجاد التسويات الجانبية، في حين ان الشعب يتعلق بمطلق خشبة خلاص.
أمام هذا الواقع ، يبدي الزعيم المذكور قلقا متزايدا على الوضع الأمني بعدما لامس الخطر حد تهديد ما تبقى من السلم الامني ، والاغرب، وفق تعبيره، عدم المسارعة إلى المعالجة بقدر تعزيز الانقسام الطائفي ، وهذا ما يفسح المجال أمام سفك دماء الأبرياء من جديد و يجعل لبنان عرضة لحرب أهلية صامتة.
هذا الأمر يكشف حقيقة ذهنية متحجرة قد تدفع بمصير لبنان نحو مزيد من المآسي و الكوارث، فالاهتمام الرسمي بالموفد الأميركي المعني في ترسيم الحدود البحرية نابع من محاولة أطراف سياسية استغلال الملف نظرا لحساسيته و تسجيل النقاط في سعي لمحاولة استغلاله ضمن الصراع الداخلي و ليس الدفاع عن السيادة اللبنانية والحرص على ثروات لبنان الطبيعية.
المصدر: لبنان 24