في فصل غريب آخر من الحياة العامة في تركيا، أعلنت واحدة من أشهر ممثلات وإعلاميات البلاد، استدعاءها للتحقيق للمرة الثانية من قبل الجهات الأمنية، وذلك لأنها قالت في أحد تعليقاتها، إن “أسعار الكرز غالية في البلاد!”.
الفنانة التركية بيرنا لاشين أعلنت على صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، التي يتابعها ملايين المواطنين في تركيا، أن استدعاءها تم بقصد “التأكد مما تعنيه بتعليقها الساخر”، الذي قالت فيه على صفحاتها الخاصة: “هل الكرز باهظ الثمن!؛ يُمكن لك ألا تشتري الكرز، ما من مشكلة في ذلك”.
وسخرت الفنانة من الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار بشكل جنوني خلال الأيام الماضية، بعد تدني قيمة العملة التركية، وعدم التفات المؤسسات الحكومية لرجاء المواطنين بتوفير متطلباتهم الغذائية، التي صارت حسب الأرقام التي تعلنها الجهات البحثية التركية، ضعفي متوسط الدخل الشهري للعائلة في البلاد.
Beni ifadeye çağırdılar yine 😂 Kiraz pahalı dedim diye;
Kiraz alınmamış sana ne😂
Bilinen biri değil isim vermiyim de harçlığını alamasın
Kısaca “pahalı” diyene sopa 😂
O.Veli ne demiş
“Bedava yaşıyoruz, bedava;
Hava bedava, bulut bedava;
Kelle fiyatına hürriyet,
Esirlik bedava”— berna lacin🌟 (@bernalacin35) October 18, 2021
ولاشين هي واحدة من أشهر الممثلات التركيات منذ أوائل التسعينيات، إذ شاركت في العشرات من الأفلام والمسلسلات التركية الشهيرة، إلى جانب عملها كممثلة ومخرجة مسرحية.
كما كانت مقدمة للعديد من البرامج الثقافية والاجتماعية التركية، التي كانت تحظى بأوسع متابعة على مستوى البلاد.
لكن لاشين عُرفت في الأوساط الثقافية والفنية التركية كمعارضة سياسية وثقافية للنظام الحاكم منذ سنوات.
فالفنانة تنحدر من مدينة أزمير الساحلية، مركز حزب الشعب الجمهوري الأتاتوركي، أكبر أحزاب المعارضة التركية.
كذلك، فإنها ابنة واحد من أشهر الأساتذة والباحثين الجامعيين في تركيا، وكانت قد تعرضت أكثر من مرة لمحاكمات ومساءلات قانونية بسبب مواقفها السياسية والثقافية، بالذات في الحملة التي قادتها لرفض عودة تركيا لتطبيق عقوبة الإعدام.
الفنانة التركية رفعت من وتيرة المواجهة بعد الاستعداء مباشرة، ونشرت على صفحتها في منصة “تويتر” مقطعا من قصيدة الشاعر التركي أورهان ولي، جاء فيها: “نحن نعيش مجانا، الهواء مجاني، والسحب مجانية، لكن ثمن الحرية هو الرأس، فالاعتقال مجاني”.
وأوضحت أن السلطات القضائية صارت “تُستخدم كعصا في أيدي الحكومة، تواجه بها كل من يتحدث عن غلاء الأسعار في البلاد”.
وكانت السلطات الأمنية والقضائية التركية قد استدعت المئات من الفنانين والكُتاب والإعلاميين والأساتذة الجامعيين في البلاد، من الذين عبروا عن آرائهم واعتراضهم على غلاء الأسعار والأحوال العامة، حتى أن عددهم قارب 10 آلاف شخصية عامة غير سياسية، حسب مصادر المعارضة التركية.
فصارت السلطات التركية تعتبر أدنى شكل للانتقاد بمثابة إهانة وإثارة للنعرات والفوضى في البلاد.
وكانت الليرة التركية قد شهدت خلال الأيام الماضية انخفاضا هائلا، حيث خسرت ما لا يقل عن 9 بالمائة من قيمتها خلال أقل من 24 ساعة، من 8.3 ليرة مقابل الدولار الواحد، إلى 9.34 ليرة مقابل الدولار الواحد.
الفنان المسرحي التركي مسعود فرهاد، شرح في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أسباب قيام السلطات بالضغط على طبقة الشخصيات العامة في البلاد، من الذين يعترضون على سياساتها.
وقال: “تملك السلطات التركية هاجسا من إمكانية تكتل الآلاف من القواعد الاجتماعية التركية حول مطالب اقتصادية، وأن يكون ثمة شخصيات اعتبارية ممثلة لتلك المطالب”.
واختتم بالقول: “المسألة الاقتصادية هي الأكثر تأثيرا على خيارات ومواقف المواطنين، من السلطة الحاكمة”.
المصدر: سكاي نيوز