من دون أي إحساس بالمسؤولية تجاه ما يعانيه الشعب اللبناني من كارثة معيشية غير مسبوقة مع تخطي نسبة الفقر 55% بحسب تقارير الأمم المتحدة، يلجأ البعض إلى توتير الوضع الأمني في البلاد ليزيد في الانهيار انهياراً، وفي الفقر تمدداً، وفي الجوع توسعاً، وفي ارتفاع أسعار السلع الغذائية جنوناً، ومن بينها أسعار الألبان والأجبان الأساسية لصحة الإنسان خصوصاً الأطفال، والتي باتت حلم غالبية الشعب بعدما كانت أقرب إلى قوت الفقير اليومي.
ويكشف صاحب إحدى الشركات المعروفة المصنِّعة لمنتوجات الحليب، لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، عن أن “أسعار الألبان والأجبان ومختلف المنتجات المشتقة من الحليب، ستشهد في الأيام القريبة ارتفاعاً في الأسعار، نتيجة ارتفاع أسعار الكلفة والتصنيع والنقل بشكل لم يعد يمكن معه الاستمرار على نسبة التسعير القديمة”.
ويوضح، أنه “في السابق كانت أسعار أعلاف الأبقار والأغنام والماعز مدعومة. وعلى الرغم من تلاعب بعض التجار والمحتكرين، إذ نادراً ما كان يصل العلف المدعوم إلى المزارع، لكن كان الدعم يُبقي سعر كيلو الحليب بـ60% سنتاً، كما سعَّرته وزارة الزراعة، مقسوماً إلى قسمين: 40 سنتاً بالدولار و20 بالليرة على الدولار المدعوم. علماً أن منحى أسعار الألبان والأجبان كان تصاعدياً، تبعاً لاستمرار انهيار الليرة مقابل الدولار”.
ويشير، إلى أنه “في الفترة الأخيرة وإثر هبوط سعر الدولار إلى نحو 13.000 ليرة لبنانية مع تشكيل الحكومة، بعدما وصل إلى نحو 23.000 ل.ل، قامت بعض الشركات بخفض الأسعار بنسبة مقبولة. لكن في الأيام الأخيرة، قام وزير الزراعة عباس الحاج حسن بتحرير سعر الحليب، إذا صح التعبير، إذ لم يعد هناك أي نوع من الدعم لهذا القطاع”.
ويضيف، “الأعلاف لم تعد مدعومة وتُسعَّر بالدولار، وكذلك الحليب أصبح يُسعَّر بالدولار النقدي، وبات كيلو الحليب بـ50 سنتاً إما نقداً أو على سعر الصرف اليومي في السوق السوداء. وهذا الأمر أدَّى، وسيؤدِّي إلى ارتفاع أسعار الألبان والأجبان بنسب تتراوح ما بين 10 و12% تقريباً”، كاشفاً عن أن “هذه الزيادة سيشهدها السوق في اليومين المقبلين مع مطلع الأسبوع المقبل”.
ويلفت المصدر عينه، إلى أن “هذا المسار سيبقى تصاعدياً، ولا شيء يمكن أن يعيد الأسعار إلى الخلف، خصوصاً مع الانهيار الإضافي الذي تواجهه الليرة. فمنذ نحو شهر ونيّف كان الدولار بـ13.000 ل.ل تقريباً واليوم تخطى 20.000 ل.ل”، مشيراً إلى أن “ارتفاع أسعار المنتجات يعود أولاً كما أشرنا إلى تسعير الحليب بالدولار على سعر السوق السوداء، لكن هناك مسألة أساسية إضافية اليوم تختلف بين المرحلة الحالية والمرحلة السابقة”.
ويقول، إن “الأسعار حين ارتفعت في السابق فذلك لأنها لحقت بسعر الدولار، واليوم أيضاً المسألة تتعلق بالدولار وتحرير الأسواق طبعاً، إنما بطريقة مختلفة، إذ باتت كلفة التصنيع مرتفعة جداً اليوم على الصناعيين لناحية المحروقات”، لافتاً إلى أنه “حين كان التسعير على دولار 23.000 ل.ل في الفترة السابقة، كان لا يزال معدل سعر جرّة الغاز 26.000 ل.ل، وصفيحة البنزين نحو 50.000 ل.ل، والمازوت كان لا يزال مدعوماً”.
أما اليوم، يضيف المصدر، “أسعار المحروقات باتت متفلتة، بالتالي ارتفعت كلفة التصنيع بشكل مخيف، وهذا ما دفع مصنِّعي مشتقات الحليب إلى رفع أسعار منتجاتهم. ولا يجب أن ننسى طبعاً أن الدولار تخطى الـ20.000 ل.ل، وكل شيء يلحق الدولار، من الأعلاف إلى الحليب إلى علب التعبئة والمازوت والكهرباء التي تعتبر عنصراً أساسياً في عملية الإنتاج والحفظ، إذ لدينا التبريد وأيضاً تشغيل الماكينات”، مشيراً إلى أن “فواتير الكهرباء باتت خيالية، حتى بالنسبة لصاحب المعمل الذي يولِّد كهرباءه الخاصة لتشغيل معمله، مع تحرير سعر المازوت الذي أصبح بالدولار النقدي”.
ويكشف المصدر، لموقع “القوات”، عن أن “حجم المبيعات تراجع بنسبة كبيرة جداً، إلى درجة أن هناك أصنافاً من الأجبان والألبان مثلاً إما توقف تصنيعها كلياً أو تُنتج بكميات قليلة جداً، نسبة إلى انعدام الطلب وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين. وهذا الأمر دفع الشركات إلى تخفيف الكميات المنتجة والبحث عن توسيع أسواقها من ناحية، وتنويع الإنتاج وتعديل طرقه من ناحية أخرى لضمان استمراريتها”.
ويضيف، “في السابق، لم يكن هناك في السوق مثلاً علب لبنة تحت 400 غرام، بينما اليوم بتنا نلاحظ وجود علب وزنها 300 و330 غراماً بهدف تخفيف سعرها لكي يتمكن المستهلك من شرائها. وكذلك في اللبن، هناك اليوم علب بـ450 غراماً وبـ800 غرام، فيما سابقاً كان أدنى وزن يبلغ 900 غرام أو كيلوغرام، بالإضافة إلى أصناف انقرضت تقريباً من السوق مثل اللبنة من حجم كيلوغرام”.
ويعتبر المصدر، أن “كل هذه الأسباب مجتمعة تدفع حكماً أسعار الأجبان والألبان إلى الارتفاع”، مجدداً التأكيد على أن هذا “مساراً تصاعدياً لا عودة فيه إلى الوراء”، كاشفاً لموقعنا، عن “أسعار بعض المنتجات كما ستصبح عليه في اليومين المقبلين:
فعلبة اللبنة وزن 400 غرام سيتخطى الـ30.000 ل.ل، وكيلو اللبن ما فوق 25.000 ل.ل، والعيران 250 ملليلتر نحو 6.000 ل.ل وأكثر، وجبنة العكاوي 250 غراماً ما فوق الـ35.000 ل.ل واللايت من نفس النوع نحو 40.000 ل.ل، والدوبل كريم 200 غرام 26.000 ل.ل، فيما اللايت نحو 32.000 ل.ل تقريباً، والقشقوان بقر بـ35.000 ل.ل، بينما ليتر الحليب الطازج سيتخطى الـ25.000 ل.ل. وقِس على ذلك بالنسبة لسائر المنتجات”.