كادت العاصمة بيروت أمس تعود عشرات السنين الى الوراء من خلال مظاهر الاشتباكات المسلّحة وخطوط التماس التقليدية بين منطقتي الشيّاح وعين الرمانة بعد المعارك الدامية التي اندلعت إثر إطلاق نار مُباغت على المتظاهرين الذين شاركوا في التحرّك الذي دعا اليه “حزب الله” و”حركة أمل” أمام القصر العدلي
وفق مصادر مطّلعة فإن الاشتباك حصل قبل لحظة وصول المُحتجّين الى العدلية حيث تعرّضوا لإطلاق نار كثيف من بعض أسطح المباني المجاورة ما أدّى الى سقوط ضحايا. بعد ذلك تطوّرت الأمور وانسحب المتظاهرون وبدأت المواجهات بين الطرفين.
“أحداث الطيّونة” تُعطِّل OMT وتُلهِب الدولار
تشير مصادر مقرّبة من “الثنائي الشيعي” الى أن حزب “القوات اللبنانية” يقف وراء هذا الاشتباك، ويقول هؤلاء أن مسؤولاً حزبياً قوّاتياً وصل قبل ليلة الى مكان “الكمين”، بحسب تعبيرهم، ووزع عناصره على الأبنية بانتظار ساعة الصفر، ولفت الى أنه سُجّل تجمّع لبعض العناصر القواتية المسلّحة في أروقة المنطقة الواقعة بين فرن الشبّاك وعين الرمانة.
وتعتبر المصادر” ان القوات اللبنانية تعمل بشكل حثيث على منع الوصول الى الحقيقة في قضية انفجار مرفأ بيروت، وهي التي ستحاول الوقوف بوجه أي عملية استبدال للمحقق العدلي طارق البيطار لأن المؤشرات التي ظهرت مؤخراً، من نيترات البقاع الى “نيترات الصقر”، توحي بشبهات ما عن تورّط القوات في ملفّ نيترات المرفأ، وذلك نقلاً عن المصادر المقرّبة من الثنائي الشيعي”.
وترى المصادر نفسها “أن التصعيد السياسي سيستمرّ وأن ما حصل لن يمرّ مرور الكرام لدى “الثنائي” خصوصاً فيما يتعلق بالقوات اللبنانية، اذ ان الامر سيسلك مسار توسيع دائرة المواجهة السياسية ولن يُترك الملف قبل تحقيق العدالة، لا سيما وأن الجيش اللبناني أوقف بعض المشتبه بهم وبالتالي فمن المتوقع أن تتكثف الضغوط لمنع إعطاء أي غطاء سياسي لأي من المُرتكبين”.
وتؤكد المصادر أن الضغط في قضية المحقق العدلي سيستمر أيضاً، بل وأكثر، فإن ما حصل سيزيد من إصرار “حزب الله” و”حركة أمل” على استكمال خطواتهم لكفّ يد القاضي طارق البيطار عن تحقيقات المرفأ. وتلفت المصادر “الى أن “القوات اللبنانية”، ستسعى بشكل كبير للاستفادة من التحريض المذهبي والطائفي بهدف الكسب الانتخابي بعدما تبيّن ان واقعها الانتخابي لا يعكس أبدا توقعاتها”.
في المقابل، فإن “القوات اللبنانية” رفضت الاتهامات المباشرة الموجهة اليها معتبرة “أن ما حصل هو نتيجة للسلاح المتفلّت الذي يهدّد المواطنين”، ودعا رئيسها سمير جعجع “الى اجراء تحقيقات جدية وتوقيف المرتكبين”.ونفى النائب السابق أنطوان زهرا عبر لقاء تلفزيوني “أن يكون للقوات أي نوع من أنواع المبادرة للاشتباك أو حتى التخطيط له “لافتاً الى” أن المعركة بدأت عبر مجموعة مسلحة دخلت بين المتظاهرين مستخدمة القوة لإخضاعهم”.وشدّد “على ملاحقة المجرمين كائنا من كانوا حتى لو ثبت أنهم قوات”، على حد تعبيره
أمس، تدخّلت وحدات من الجيش اللبناني لوضع حدّ للتفلّت الأمني الذي عرّض حياة المواطنين الآمنين للخطر، ولكلّ من طرفي الاشتباك روايته الخاصة التي من الواضح أنها لم تعُد تعني اللبنانيين تحت أي ظرف أو تبرير، إذ ان أحداً لا يرغب بالعودة الى الوراء حيث الذكريات السوداء التي لم تُمحَ بعد. لبنان العالق في قعر الأزمة الاقتصادية التي لم يشهد لها مثيلا منذ الحرب الاهلية (1975- 1990) لم يعُد ينقصه مزيدا من التوترات التي من شأنها أن تزعزع السّلم الأهلي لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة التي تسعى من خلالها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي للعبور بالبلاد نحو برّ الأمان. فمن يطلق الرصاص على حكومة الإنقاذ؟؟