كأنها استعادة سوريالية لمشهد بائس، هدد النائب جبران باسيل في ذكرى ١٣ تشرين عام ٢٠١٩ بالنهر العوني الجارف فانفجر الشارع بوجه الجميع وسقطت الهالة عن مجمل الطبقة السياسية.اليوم يتكرر المشهد مجددا ، ولكن مع وزير الثقافة محمد مرتضى و”الثنائي الشيعي” وسط حالة من الاحتقان السياسي غير مسبوقة.
كان باسيل قد بلغ ذروة قوته السياسية عام ٢٠١٩ بعد الاستفادة القصوى من السلطة ما جعله يفكر بفرض رؤيته الشاملة على شريكه في التسوية الرئاسية الرئيس سعد الحريري والانقلاب على ما سلف من اتفاقات ، لكن الانتفاضة الشعبية ، التي باغتت الجميع، لم تستطع تحقيق أهدافها بل افضت إلى استنزاف لبنان سياسيا واقتصاديا وأمنيا.
إنسحب باسيل من الحلبة وفق نظرية “جبران وسعد سوا” رغم وجود “شياطين تفاصيله” المتمركزة في أروقة بعيدا وسائر الادارات والمؤسسات، فدخل الثنائي الشيعي في مواجهة مع المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، وما زاد من حدة التازم دخول السيد حسن نصرالله شخصيا على خط المواجهة بل و المطالبة بتنحية البيطار مع ما يشكل الأمر من حساسية واحراج شديد لرئيس الجمهورية.
تلويح “الثنائي الشيعي” بالشارع في هذه اللحظة المصيرية سيرتد سلبا على مجمل الواقع، رغم الاستفادة منها ظرفيا في معركة الاطاحة بالبيطار، اذ ليس من مصلحة حزب الله تكرار أحداث ٧ أيار ٢٠٠٨ المشؤومة في عهد حليفه الرئيس ميشال عون، كونها تهدد كيان الدولة وتجعله أسير العصبيات الضيقة ، فضلا عن انقلاب المشهد بين العام ٢٠٠٨ والوقت الراهن لناحية بسط حزب الله نفوذه بشكل مباشر.
بناء عليه ، يرى مراقبون بأن سقف التصعيد محكوم بعدة إعتبارات تحتّم على حزب الله وضع ضوابط لمطلق تحركات في الشارع ، خصوصا وأن الدعوات الى الاعتصام أمام قصر العدل اليوم تهدف إلى تطويق التظاهرات الداعمة للقاضي البيطار، وهذا يعتبر تمهيدا لنزع صاعق التفجير من لغم الشارع في ظل الاصرار على تنحية البيطار.
انطلاقا من ذلك ، يمكن لحزب الله رأب صدع تحالفه مع “التيار الوطني الحر” خصوصا وأن انفجار المرفأ هز الوجدان المسيحي مسببا اضرارا جسيمة على عتبة الحملات الانتخابية مع بروز ازدواجية مفرطة لناحية منع اعطاء الاذن بملاحقة اللواء طوني صليبا وفي الوقت ذاته رفض تنحية البيطار، في ظل معلومات متسربة عن احتمال تعرض بعض أركان الدولة لعقوبات دولية جديدة.
المصدر: لبنان 24