كتب أسامة القادري في “نداء الوطن”:
أرخت الأزمات بثقلها على كاهل المواطن المتروك لقدره، ليواجه أعتى أزمة مرت على لبنان منذ تأسيسه بحسب المؤرخين والمعنيين في تفسير تاريخ لبنان، فلم تعد هناك أزمة أهون من الأخرى فلكل منها تبعاتها وانعكاساتها السلبية.
وما يزيد طينة الوضع المعيشي بلة طبقية القادرين على تأمين وسائل التدفئة في فصل الشتاء القادم، حتى أمسى الحطب للبرجوازيين والمازوت لمن استطاع اليه سبيلاً، وذلك لعدم قدرة المواطنين على تأمين التدفئة مما يدفع بالغالبية لإعتماد اساليب غير مألوفة قد تهدد صحة ابنائه.
لذا يبقى المشترك بين المواطنين ارتداداتها عليهم وعلى حركتهم وتشظي حياتهم اليومية، بدءاً من تأمين مستلزمات التدفئة التي اصبحت من المستحيلات للموظفين، وصولاً الى تأمين لقمة العيش في وقت تعجز هذه السلطة وحكوماتها عن معالجة انقطاع المحروقات وارتفاع اسعارها اكثر من عشرة أضعاف، عما كانت عليه قبل عامين، وانقطاع الكهرباء والغلاء الفاحش، فيما لا زالت رواتب الموظفين وأجور العمال على حالها مما تسبب بعجز في تسكير الفوارق الكبيرة، خاصة مع بدء تدني درجات الحرارة ما يضع المقيمين في المناطق الجبلية المرتفعة في أتون التفتيش عن البديل لأساليب التدفئة، التي كانت تعتمد مادة المازوت والحطب لدرء البرد في فصل الشتاء، ليمسي الحصول على أي منهما لمن استطاع إليه سبيلاً.
لا يعرف ابراهيم عوض في البقاع الغربي كيف سيواجه وعائلته الصقيع والبرد القارص في فصل الشتاء الداهم في قابل الأيام، فهو أساساً يستهلك في فصل الشتاء سبعة براميل مازوت بأقرب تقدير، وبعدما أصبح سعر صفيحة المازوت يعادل ضعفي سعر برميل بكامله عما كان عليه سابقاً، يقف الرجل عاجزاً عن شراء “تنكة المازوت بسعر 300 ألف ليرة من السوق السوداء، وبـ250 ألف ليرة بسعرها الرسمي وفق تسعيرة المازوت الصناعي. قال: “راتبي 2 مليون ليرة، اذا “فوّلت” سيارتي بالشهرة مرة واحدة بـ800 ألف ليرة، ومصروف أولادي الثلاثة 500 ألف وفاتورة المولد 500 ألف و300 ألف ليرة ثمن مياه الشرب”، يتنهد ويتابع: “لم نحتسب حتى الآن الاكل والثياب والمدارس والادوية.. لم يعد باستطاعة الشخص ان يستمر وفق هذا الوضع المزري”.
“الشكوى لغير الله مذلة”، عبارة تكررت على لسان عيد ليعبر عن امتعاضه من لهيب الغلاء والأسعار، وقال: “إن أزمة المازوت التي ضربت لبنان منذ فترة، تسبّبت بشلل لكل القطاعات”، يردف بتأفف: “لا فينا نتدفى عالكهرباء ولا فينا نأمن مازوت ولا حطب”.
يشرح محمود تاجر حطب فارق الاسعار، ويضيف أن الحطب لم يعد للأسر القروية غير القادرة على شراء المازوت، انما أصبح للميسورين ولمن يتقاضى راتبه بالدولار. لان سعر طن التفاحيات وصل الى 3 ملايين. وكذلك سعر الدوالي والكرز والليمون. أما السنديان فسعره لامس الـ4 ملايين ليرة.
ويوضح أن زبائنه هم من المتمولين والبرجوازيين وقارب بين مصروف الحطب والمازوت، قال: “كل و1200 كلغ حطب تفاح تساوي برميل مازوت، وكل 900 كلغ حطب سنديان بمثابة برميل مازوت.
فيما أبو جهاد يحاول تبديل مدفأته المازوت بـ”صوبيا” ليستعمل جفت الزيتون، ونشارة وبلاستيك واحذية بالية، قال: “الحاجة ام الاختراع، سابقاً جعلتنا هذه السلطة نعتمد على زيوت السيارات المستعملة، وحالياً أصبح سعرها بنفس سعر المازوت”.
المصدر: نداء الوطن – أسامة القادري