لم ينتظر رئيس الحكومة السابق حسان دياب اياماً بعد انفجار مرفأ بيروت ليخرج معلناً استقالة حكومته بعد هذا المُصاب الاليم. اعتكف الرجل في منزله واختصر تنقلاته الى مكاتب السراي او القصر الجمهوري لتسيير الامور بعد النقمة الكبيرة التي طالته نتيجة استقالته من تصريف الاعمال.
بعيداً عن كل “فظائع” الحكومة السابقة، ولا سيما في ادارتها لملف الدعم الذي عزز التهريب على حساب جيب المواطن والليرة اللبنانية، الا أن دياب ومع وزراء الاختصاص الذين تم تعيينهم سارعوا بعد الاستقالة الى وضع أولوياتهم المستقبلية، وبدأ هؤلاء رحلة البحث عن عمل خارج لبنان أو مع منظمات دولية عملوا معها حين كانوا على رأس وزاراتهم. حدَّثَ هؤلاء سيرهم الذاتية التي “أغنوها” بتجربتهم الوزارية وأرسلوها الى بريد الشركات والمنظمات التي يمكن أن تدفع لهم مبالغ كبيرة و “fresh” بالعملات الصعبة.
تلقّى بعض الوزراء في الحكومة السابقة عروضاً لم تكن بالحسبان، فمن كان موظفاً في ادارة عامة تحول الى استشاري كبير مع منظمات دولية تُعنى بمجالات العمل التي تخصص بها هذا الموظف الذي ترقّى الى وزير بين ليلة وضحاها، وسارع حين كان وزيراً في حكومة تصريف الاعمال الى الالتحاق بعمله كموظف عادي يتقاضى أجره لقاء خدمات يقدمها، حتى أن بعض الوزراء ومنهم الرئيس حسان دياب، راسل عدداً من الجامعات العربية والغربية عارضاً عليها التعليم في كلياتها وقدم لبعضها سيرته الذاتية التي اضاف إليها صفة رئيس حكومة سابق، ويتردّد أن عرضاً مغريا تلقاه دياب من احدى الجامعات وقد وقع عقداً معها بغرض التعليم في كلياتها.
بعض الوزراء في الحكومة السابقة والذي كان يشغل مناصب ادارية في مؤسسات خاصة أو عامة، التحق بدوره ببعض المؤسسات في الخارج وقد استفاد هؤلاء الوزراء من علاقاتهم مع المنظمات الدولية واستثمروها بعروض العمل التي كانت رواتبها بالدولار “دسمة”، تتخطى قيمة الرواتب التي كان يتقاضاها هؤلاء حين كانوا مجرد موظفين عاديين قبل أن تلفحهم رياح التوزير المفاجئ.
يطمع الوزراء الجدد بمردود حقائبهم الوزارية على مستقبلهم الوظيفي، لا سيما وأن عدداً لا بأس منهم يعمل في الخارج أو مع مؤسسات خاصة محلية، وتنعكس وظيفتهم كوزراء بشكل مباشر على رواتبهم من خلال المراكز التي قد يحصلون عليها في المستقبل القريب بعد تركهم الوزارة، وتكمن المخاوف باستغلال البعض منهم وزاراته لتوظيف كل ما يملك من سلطة لصالح المؤسسات التي كان يعمل لديها أو تلك التي تربطه علاقة عمل معها ووعدته بوظيفة كبيرة عند خروجه من النعيم الوزاري بعد أشهر، والحديث يتصل ببعض الوزارات الموعودة بالمشاريع الممولة من الصناديق الدولية والتي تحتاج الى استشارات أو خدمات محددة تقدمها شركات متخصصة، يمكن أن يلعب الوزراء الجدد دوراً لإيصالها مقابل وعود مستقبلية ترتبط بقطاع التوظيف.
يبحث الرئيس نجيب ميقاتي في هذه المرحلة عن قوة دعم خليجية، وتحديداً سعودية، لكي يستمر في مهمته وتبعده عن تجربة الحكومة السابقة، ويسعى مع الجانب الاردني الى تحديد موعد مع الرياض التي لم تستجب لدعوات ميقاتي، ويُصر ولي العهد محمد بن سلمان على موقفه الرافض لأي لقاء مع ميقاتي الذي رضخ برأيه لمطالب حزب الله. في المقابل يُحَضِّر وزراء ميقاتي الخطة “ب” المتعلقة بمستقبلهم الوظيفي بعد استقالة الحكومة، الواردة بأي لحظة، في حال فشل ميقاتي بتقديم النقلة النوعية التي ينتظرها اللبناني، ويبقى هَمُّ الوزراء إيجاد وظائف في الخارج أو مع شركات استشارية تدفع الرواتب بالدولار.
المصدر : ليبانون فايلز