انطلقت في الكواليس، وبشكل جدّي، تحرّكات واتصالات في أكثر من منطقة بين قوى وأحزاب سياسية معارضة من جهة، وقوى من المجتمع المدني من جهة أخرى، استعداداً لمرحلة ما بعد تقريب موعد الإستحقاق الإنتخابي النيابي إلى آذار من العام المقبل2022. وفيما ترفض أحزاب السلطة اليوم، أو قوى الأغلبية، تقديم موعد الإنتخابات، تكشف أوساط في مجموعات الحراك المدني، عن حملة ضغوط بدأت تسجّل في كل الإتجاهات من أجل البحث في إمكان العودة عن مثل هذا القرار، وذلك، تحت عناوين وذرائع واهية مثل صعوبة التحرّك وتنظيم الحملات الإنتخابية في كل المناطق بشكل متوازن خلال الأشهر القليلة الفاصلة عن موعد هذا الإستحقاق. وتوضح أن هذه الضغوط لا تقتصر فقط على المؤسّسات، بل تتخطّاها إلى السعي، ومن خلال مخطّطات مشبوهة، إلى عزل الشخصيات البارزة في الحراك، والتي تستعد لخوض السباق الإنتخابي إلى البرلمان.
وفي المقابل، تشير الأوساط، إلى تقاطع بين أطراف سياسية معارضة ومجموعات الحراك المدني، الذين يعتبرون أن المهلة الزمنية المُتاحة للإستعدادات اللوجستية ولترتيب التحالفات وفق الأولويات، والتي تطالب بها القوى المكوّنة للسلطة اليوم، تهدف إلى إسقاط كل الأهداف والعناوين المرسومة على صعيد التغيير السياسي الشامل في المجلس النيابي عبر الإنتخابات النيابية، وبالتالي، إلى نسف عملية المشاركة الواسعة المرتقبة لشرائح واسعة من جمهور ومجموعات الحراك وثورة 17 تشرين، وربما، ضياع فرصة وصول مرشحي هذه المجموعات، والذين اتفقوا على أن العبور إلى مشروع الدولة الحقيقة ذات السيادة، لن يتحقّق إلاّ عبر الوسائل الديمقراطية المتمثّلة بالإنتخابات النيابية، وعبر إنتاج مجلس نواب جديد، يحمل أجندة سياسية وإنمائية وإصلاحية.
لكن الأوساط نفسها، لم تخفِ خشيتها من أن تدفع المصالح الظرفية والرغبة بالفوز بالإنتخابات النيابية، بعض المرشّحين المحتملين من صفوف القوى التغييرية، إلى التعاون والتحالف، ولو لأهداف إنتخابية فقط، مع المكوّنات السياسية والحزبية ضمن الغالبية الحالية. وكذلك، فهي تكشف أيضاً، عن مخاوف مبرّرة لدى بعض مجموعات الثورة، من نشوء تكتلات إنتخابية موسمية وظرفية بين خصوم اليوم وحلفاء الأمس في السلطة، من أجل عزل مرشحي الحراك وقطع الطريق على مجموعات المجتمع المدني للحؤول دون من وصولهم إلى البرلمان من خلال لوائح موحّدة.
ومن هنا، فإن أكثر من مخطّط يجري إعداده من أجل منع أية تحالفات ما بين مجموعات المجتمع المدني والقوى السياسية المستقلة والمعارضة، والهدف الرئيسي منها هو تشتيت الصفوف وتوجيه الضربات من خلال استغلال أي ثغرة ممكنة، وبالتالي تشويه صورة المرشحين المستقلين وتصعيد الحملات السياسية ضدهم واتهامهم بالعمالة والتبعية للخارج، على أن يتمّ في مرحلة لاحقة، عزلهم عن القواعد الشعبية والناخبين المتحمّسين للإقتراع والتغيير، ومنعهم من أن يحصلوا على الفرصة للردّ والدفاع عن أنفسهم
ليبانون ديبايت”- فادي عيد