لم يردّ الرئيس نبيه بري على خروج الرئيس سعد الحريري من حلبة التأليف بعد جهود إستمرت تسعة أشهر. وبقدر ما يمثل هذا الاعتذار هزيمة للأخير ، فإن الرئيس بري بري هو شريك أيضا في هذه الهزيمة. فالحريري نفسه وبعد الاعتذار، صرّح بأنه كان حتى اللحظة الأخيرة يعمل وفق خريطة الطريق التي رسمها رئيس مجلس النواب. وبالتالي فإن هناك مهزوميّن هما بري والحريري. مقابل منتصر ظاهريا هو الرئيس ميشال عون ومعه منتصر مستتر هو “حزب الله.”
هل هناك من سبب للصمت الذي لاذ به رئيس مجلس النواب؟ قبل الجواب على هذا السؤال يعتقد كثيرون انه كان الاجدر بالحريري ألا يقدم على خطوة الاعتذار في قصر بعبدا الذي وقف ولا يزال عقبة امام جهود تشكيل الحكومة بذرائع شتى. بل كان عليه التوجه الى مجلس النواب الذي محضه أكثرية التكليف للادلاء بكتاب الاعتذار امام الهيئة العامة مبيّنا الأسباب التي اوصلته الى الطريق المسدود. لكن هناك امر غير واضح حتى الان وهو موقف رئيس البرلمان. وهل ان الأخير كان فعلا امام خيار عقد جلسة هيئة عامة لكنه تراجع عن الدعوة اليها بضغط من “حزب الله” الذي يقف فعليا وراء إزاحة الحريري؟
أمام هذا الواقع المضطرب يرى المراقبون ان المشكلة مع عون ستبقى هي هي سواء أكانت مع الحريري أم مع سواه . فسلوكه يعلن انه لن يكتفي بموقعه كرئيس للجمهورية، بل يريد ان يكون أيضا رئيس الحكومة الفعلي غير آبه بكل الصلاحيات التي حددها الدستور المنبثق من اتفاق الطائف عام 1989. وفي هذا السلوك ما يؤكد ان عون ما زال مناهضا لهذا الاتفاق والذي صار دستورا، كما فعل قبل نحو 22 عاما. وهو في ذلك يتماهى مع “حزب الله” الذي هو في موقع مناقض لاتفاق الطائف الذي قال بنزع سلاح المليشيات والتي لم يبق منها سوى سلاح الحزب.
ماذا عن الاستشارات النيابية الملزمة بعد غد الاثنين لتسمية رئيس جديد لتشكيل الحكومة؟
وفق معلومات وزير سابق تحدثت اليه “النهار” ان رئيس الجمهورية أقدم على تحديد موعد هذه الاستشارات لسببيّن: الأول، انه إستبق الأول من آب المقبل موعد العقوبات الغربية التي ستفرض على معرقليّ تشكيل الحكومة. وهو بتحديده موعد هذه الاستشارات يحاول إبعاد نفسه عن تهمة العرقلة. أما السبب الثاني ، فهو يريد إستباق أي رد فعل من رئيس مجلس النواب الذي خسر المعركة التي أدارها مع الرئيس الحريري طوال أشهر محاولات تاليف الحكومة التسعة. لكن هذا يمثل هروبا للامام ولن يغيّر شيئا في طبيعة الازمة التي أوصلت لبنان الى هاوية بلا قرار بسبب كل ممارسات العهد.
وتشير هذه المعلومات الى ان لبنان قابع في ستاتيكو لا يبشر بإي تقدم في الحلول. وما ظهر من مواقف صدرت أخيرا عن الإدارة الأميركية بصدد “حزب الله” ، ومثلها عن إسرائيل لا ترتقي الى التغيير. ليّت بري يتكلم!
المصدر: النهار – أحمد عياش