أن تلوّح فرنسا بفرض عقوبات على السياسيين إذا ما امتنعوا عن إجراء إصلاحات هو فصل جديد بالنسبة إلى بيروت والعالم، فلطالما كانت العقوبات أداة أميركية. ووسط الحديث عن تباين فرنسي-أميركي لجهة التعاطي مع لبنان و”حزب الله”، تضاربت الأنباء حول إمكانية لجوء الرئيس إيمانويل ماكرون إلى هذه الورقة،
وهو الذي أقّر في طريقه إلى لبنان بأنّ ما يقوم به “رهان محفوف بالمخاطر فأنا أضع الشيء الوحيد الذي أملكه على الطاولة: رأسمالي السياسي”.
في المقابل، شككت الخطيب في إمكانية فرض عقوبات، وإن فشلت الإصلاحات، محذرةً من أنّ السياسيين قادرون على مواصلة الصراع الطائفي لإقناع المجتمع الدولي بالتراجع.
وأوضحت الخطيب قائلةً: “لا يرغب أحد في إثارة المشاكل في لبنان. ففرنسا والولايات المتحدة تخشيان أنّ إثارة المشاكل ستولّد حالة من عدم اليقين، وهم (سياسيو البلديْن) بالتالي يفضلون التمسك بأهون الشريْن”.
بدوره، أكّد ديبلوماسي غربي لقناة “الجزيرة” أنّ ماكرون ترك خيار فرض العقوبات مطروحاً باعتباره “عصا يمكنه التلويح بها” في وجه السياسيين. وفيما تردّد أنّ العقوبات ستشمل الوزير جبران باسيل،
وابنتيْ الرئيس ميراي وكلودين عون، والوزير سليم جريصاتي، ومصرف “سيدروس”، كشف الديبلوماسي أنّ لاعقوبات قيد الإعداد حالياً، مشيراً إلى أنّ المجتمع الدولي ينتظر رد لبنان على مبادرة ماكرون.
وفي حين يعلّق اللبنانيون آمالهم على مبادرة ماكرون، لا يبدو الخبراء متفائلين، إذ كتبت المحللة رندة سليم: “على الرغم من تأييد الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مقترح ماكرون،
إلاّ أنّ فرص تنفيذه وإحداث تغيير في النظام السياسي الراسخ تعادل فرص موافقة اللجنة الدستورية السورية (..) على التعديلات المؤدية إلى تغيير سلوك النظام السوري”.
توازياً، ألمحت الصحيفة إلى أنّ جهود ماكرون تتعدى حدود لبنان، حيث تلعب فرنسا دوراً في الحرب الليبية وتخوض صراعاً مع تركيا في المتوسط وتواجه وقتاً عصيباً في الساحل الأفريقي. ونقلت عن الخبير روبرت زاريتسكي قوله: “لا ترتبط فرنسا بعلاقات اقتصادية قوية مع لبنان، فهي سادس أكبر مُصدّر لبيروت، كما أنّ لبنان، إذا ما أضفنا القضية الفلسطينية إلى الخلفية الديبلوماسية، لم يعد يكتسي القيمة الاستراتيجية نفسها لفرنسا”.
وأضاف زاريتسكي في مقاله المكتوب بعد زيارة ماكرون الأولى إلى لبنان: “في الوقت الراهن، يبدي الفرنسيون حماسة قليلة جداً تجاه ماكرون بالمقارنة مع اللبنانيين. فقبل زيارته إلى لبنان بوقت قصير، أعرب 39% فقط من الناخبين الفرنسيين عن ثقتهم بماكرون”.