كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:
ليس لبنان الأفقر عالميا بل الأنحس حظا بمن حكموه وتحكموا بمستقبل جبل بكامله في السنوات الأخيرة.
ليس بلدنا الأفقر، فبلدان كثيرة تسبقه على اللائحة، ولكن، من دون تأكيد، سيتفوّق على الجميع، على لائحة “البلدان المنهوبة”… فما نهب مسؤولون شعبهم، حتى “العضم” مثلما فعلوا عندنا.
القصص كثيرة وفي مختلف القطاعات، وما الانهيار الحاصل إلا أكبر دليل على ما اقترفت أيديهم بنا.. غير ان حصة الأسد، ومن دون منازع، تكمن في مغارة وزارة “الطاقة”: هنا تشعرون أنكم أمام “ثقب أسود” أرضي. بلع مليارات الدولارات، من دون أن يخرج منه ضوء واحد.
تتربع “الطاقة” على عرش الهدر اللبناني، فرغم الوعود الكثيرة، والمشاريع الكثيرة، والمليارات الكثيرة، يرزح اللبنانيون اليوم في عتمة شاملة أعادتنا سنوات كثيرة إلى الوراء، فيما تبحث شعوب العالم عن كيفية تطوير غيوم اصطناعية وإنشاء خطوط مترو وفنادق تحت المياه.
أرقام خيالية ولكن لا تزال غير دقيقة بشأن ما صُرف لوزارة الطاقة في السنوات الأخيرة، والتي قاربت عشرات مليارات الدولارات… والتي، كانت قادرة على تمويل مشاريع ضخمة متنوّعة في لبنان، إلى جانب تأمين كهرباء 24/24.
تخيّلوا اننا في لبنان، كان بإمكاننا الاستفادة من عشرات المليارات التي صرفت لـ”الطاقة”، لإنشاء جسور مائية وسدود، وبناء معامل كهرباء أو الانتقال إلى مشاريع من الطاقة الشمسية، أو حتى بناء مطارات وجزر، وصولا إلى تشغيل مترو لبنان، الذي يمتد من جونية فبيروت وصولا إلى البقاع، والذي يعتبر مشروعا جاهزا بخرائطه كافة، ينتظر التنفيذ بكلفة 10،75 مليار دولار.
تخيّلوا ماذا كان بإمكاننا أن نفعل في لبنان بكل هذه المليارات، فجسر الصين المائي الشهير الذي يبلغ طوله أكثر من 40 كيلومترا كلّف 6 مليارات دولار، وسد النهضة في اثيوبيا، الذي يعتبر أكبر سد كهرومائي في قارة إفريقيا كلف 8 مليارات دولار.
تخيّلوا انه كان بإمكاننا بناء جزر، نستفيد منها سياحيا واستثماريا وتشغيليا، فجزيرة نخلة الجميرة في دبي كلفت 14 مليار دولار موفّرة آلاف فرص العمل.
في الأردن، يا سادة، كلف مشروع الباص السريع، 193 مليون دولار، والهدف منه كان تسهيل حركة مرور المواطنين الاردنيين والتخفيف من الاعباء المادية المترتبة عن كلفة النقل.
في مصر، وبعد الاتفاق مع شركة سيمنز الالمانية، وبتكلفة 8 مليارات يورو، ستُبنى 3 محطات كهرباء إضافة إلى مصنع لتوربينات الرياح.
لو أجرى وزير أو مستشار أو خبير واحد في وزارة الطاقة بحثا صغيرا، لاكتشف ما تفعله سنغافورة، تلك الدولة الصغيرة، لتوليد الطاقة، حيث انها أعلنت عن انتهائها من تنفيذ واحدة من أكبر مزارع الالواح الشمسية العائمة في العالم على مساحة تعادل 45 ملعب كرة قدم. فنظرا لمساحتها الضيقة، استفادت من المساحات المائية لنشر الالواح الكهروضوئية اللازمة لتوليد الكهرباء.
كلّ ما تقدّم، كان يمكن إنجازه في لبنان، بكل الأموال التي نُهبت، وهُدرت، لو توفّر لدينا مسؤولون مسؤولين، يُبدّون مصلحة الوطن على مصالحهم…
والعبرة ان لا ننسى العتمة و”الذل” في أيار 2022، لأن غلطتنا السابقة كلّفتنا “جهنّم”!