تتصاعد حدّة الازمات في لبنان يوماً بعد يوم، وعوض أن تتحمل الجهات المعنية مسؤولياتها تجدها غائبة تماماً عن مشهد المعاناة التي يعيشها اللبنانيون، ما يوحي بأن ثمة عوامل داخلية وخارجية تساهم في استفحال الأزمة، الأمر الذي دفع البعض للترويج الى أن الانهيار سيواصل تدحرجه حتى موعد الانتخابات النيابية.
حجة هؤلاء أن هذه الأزمات تؤدي الى مزيد من الضغط على السلطة السياسية والاستنزاف الشعبي لها، وهذا ما تهدف اليه بعض القوى الغربية لعدة اسباب ، اولها إسقاط الطاقم السياسي التقليدي الحالي وثانيها محاصرة “حزب الله” لإضعافه في الساحة الشيعية واضعاف حلفائه في آن معاً، لذلك، ووفقاً لهذه القواعد، فإن من مصلحة هذه الدول أن يستمر الوضع الاقتصادي في لبنان على ما هو عليه حتى الانتخابات النيابية المقبلة من أجل صرف هذه الضغوط في السياسة وفي أرقام صناديق الاقتراع.
وفق مصادر متابعة، فإن الانهيار الحاصل في البلاد تقف خلفه اسباب داخلية مرتبطة بتعطيل الحلول وشلّ المسارات الدستورية التي قد تخفف من ازمة المواطنين، ولكن من الواضح ان الطرف الذي يسعى الى التعطيل يمتلك حججه السياسية والطائفية التي تجعل خسائره الشعبية محدودة، وبالتالي فهو غير مأزوم من عدم تشكيل الحكومة لطالما كان قادراً على المناورة السياسية الواسعة وعلى استمرار فرض شروطه التي ستقرر ولادة الحكومة من عدمها.
ورغم أن استمرار الضغوطات على لبنان قد يؤدي بشكل او بآخر الى خسائر كبرى لدى بعض القوى السياسية، لكن السؤال الأساسي هو عما إذا كان سيؤدي أيضاً الى خسائر على مستوى “حزب الله”. مما لا شك فيه أن الأيام الفائتة شهدت اعادة شدّ العصب في بيئة الحزب من جديد ربطاً بعدّة احداث وقعت من بينها حادثة “خلدة” وإحياء ذكرى الرابع من آب حيث جرى التصويب عليه من قِبل خصومه بشكل حاد، بالإضافة الى مسألة إطلاق الصواريخ وما ترافق معها من ردود فعل، ما شكّل قوّة للحزب لإعادة بناء قواعده والحدّ من الخسائر الشعبية التي تكبّدها في مرحلة سابقة.
لكن الاهم من ذلك هي الفرصة التي تُمنح للحزب من خلال الأزمات الكبرى، وتحديدا ازمة الدواء والمحروقات من اجل ملء الفراغ الحاصل في الدولة اللبنانية والذي من الواضح أن ثمة قرار في الذهاب به حتى النهاية من خلال وقف الدعم، الا ان هذا الامر سيؤدي الى رد فعل عكسي، اذ إن “حزب الله” يبدو جدياً للغاية في طرح استيراد المازوت والبنزين والدواء من ايران. ووفق المعلومات فإن استيراد هذه المواد سيكون على مجال واسع، اي انه لن يكون محصوراً ببيئة الحزب وحسب بل كافياً لمعظم المناطق اللبنانية، ما يعني بأن الحزب، وفي حال اتخذ القرار بكسر “سعر السوق” سيتحول في لحظة ما الى المنقذ الكبير في لبنان، وبالتالي سيقلب الطاولة على الضغوط الاعلامية التي تمارس ضده، حيث ان جزءاً من اللبنانيين من خصوم الحزب لا يجد نفسه منذ مدة مهتماً بالشعارات السياسية بل يسعى للحصول على الخدمات الاساسية التي تعتبر من اهم مقومات الحياة.
فهل يكون الاستمرار في الضغوط حتى موعد الانتخابات من قبل خصوم “حزب الله” مخاطرة لأن ذلك من شأنه أن ينقلب عليهم ويساهم في تعويم الحزب في كل لبنان وإفشال مخططات كانت تهدف للاطاحة به شعبيا على مساحة الوطن؟ سؤال قد تحدد الفترة المقبلة الجواب عليه سلبا او ايجابا .
لبنان 24