كتب عماد الشدياق في “أساس ميديا”:
بعدما ارتفع سعر صرف الدولار، منذ بداية شهر حزيران الفائت حتى بداية الأسبوع الفائت، نحو 10 آلاف ليرة لبنانية، عاد إلى الانخفاض مع انتهاء عطلة عيد الأضحى، مسجّلاً تراجعاً من 22500 إلى 19000 ليرة للشراء و19800 ليرة للمبيع، أي بتراجع نحو 2500 ليرة لبنانية في غضون 3 أيام.
وقد تسبّبت بهذا التراجع 3 عوامل، أوّلها الأخبار “الإيجابية” لكن الحذرة عن انطلاق الاستشارات النيابية يوم غد الاثنين، مع تقاطع الآراء حول تسمية رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي. ترك هذا الخبر ارتياحاً حذراً في السوق الذي لم يستطع إلا التعامل معه بإيجابية.
أمّا السبب الآخر والأهمّ فهو عيد الأضحى الذي شكّل محطة مهمّة لدى اللبنانيين (المسلمين خصوصاً) لصرف الدولارات بكميّات كبيرة لزوم العيد ومصاريفه والأضاحي، بالإضافة إلى المساعدات التي وصلت إلى اللبنانيين من أهاليهم في الخارج.
كشف مصدر صيرفي لـ”أساس” يوم الجمعة الفائت أنّ أغلب صرّافي بيروت عانت صناديقهم من شحّ بالليرة اللبنانية، وكانوا مضطرّين إلى “شدّ” سعر الصرف نزولاً من أجل تحفيز الناس على شراء الدولار لتعزيز صناديقهم بالليرة، وهو الأمر الرئيسي الذي دفع الدولار إلى النزول دون عتبة 20 ألف ليرة لبنانية، مسجّلاً يوم أمس السبت 19000 للشراء و19800 ليرة للمبيع.
أمّا التوقّعات في ما يخصّ سعر الصرف في الأيام المقبلة، فتشير إلى أنّه سيحافظ على هذا الهامش صعوداً وهبوطاً في الأسبوع المقبل، أي بين 19 ألفاً و20 ألف ليرة، من دون أيّ مفاجآت، خصوصاً إذا مرّ “قطوع” التكليف بسلام وحصل الرئيس ميقاتي على الأصوات التي ستسمح له بتولّي مهمة تشكيل الحكومة… التي سيكون لها أثر على السوق.
لكن بعد انتهاء فصل الصيف، وإذا لم تستطع الحكومة أن تبصر النور، فإنّ استقرار سعر الصرف لن يدوم أبداً، وسنشهد تقلّبات قويّة في سعر الصرف، خصوصاً بعد انتهاء زيارات المغتربين للبنان والتغوّل في ريادة المطاعم والمقاهي والفنادق. وهي الظاهرة التي أثّرت سلباً على سعر الصرف قبل عيد الأضحى، بعدما دفعت به إلى هذه الأرقام الكبيرة، لأنّ استهلاك المغتربين والسيّاح كان حافزاً لزيادة الطلب على السلع المستوردة لزوم السياحة، مثل المحروقات والمأكولات والمشروبات واللحوم. ويُرجّح أيضاً أن يكون هذا مؤشّراً كارثياً بالنسبة إلى المرافق السياحية مع نهاية فصل الصيف، عندما ستشهد هذه المرافق أزمة نقص حادّة في عدد الزبائن مع انتهاء الموسم، ولا يُستبعد أن تواجه خيارين أفضلهما مرّ:
1- إعادة النظر في الأسعار حتى تلائم المقيمين ذوي المداخيل بالليرة اللبنانية.
2- إقفال المرافق طوعاً، بسبب انهيارها وعدم قدرتها على الاستمرار نتيجة عجزها عن تأمين مصاريفها التشغيلية.
إنّ هذه النتيجة سببها سياسات التسعير السياحي “المقرّش” على سعر الدولار “الفريش” في السوق السوداء (خصوصاً تسعيرات الفنادق)، وبأرقام تفوق التكاليف بأضعاف للعديد من السلع والخدمات، وذلك نتيجة جشع أصحاب المرافق، وتوقهم الدائم، بمعزل عن الظروف، إلى الحفاظ على المداخيل نفسها التي كانت قبل الأزمة، خصوصاً أنّ هذه الأسعار تحافظ على مستوياتها على الرغم من انخفاض سعر صرف الدولار 2000 و3000 ليرة حتى الآن.