كتبت “العربية”:
أطباء وممرضات بريطانيا، كانوا أول ضحايا الفيروس الذي شل رئيس الوزراء وجعله عاجزا لأسابيع عن العمل، في ظل وباء أغلق البرلمان والمؤسسات التعليمية في أحلك أيامه، حيث كانت مقبرة Norwood في جنوب لندن تستقبل 200 جنازة كمعدل كل يوم، إلا أن ذلك لم يكن عام 2020 بل 1890 بالتحديد، والفيروس لم يكن “كورونا” الفاتك حاليا، بل “الانفلونزا الروسية” التي زعزعت العالم وقتلت بعام واحد أكثر من مليون إنسان من سكانه، بينهم 125 ألفا في المملكة المتحدة وحدها.
الشبه بين تلك الجائحة وبين “المستجد” حاليا، كبيرة جدا وغريبة، فالأعراض التي أبلغ عنها الأطباء قبل 130 سنة، كانت السعال الجاف والحمى المفاجئة وفقدان حاسة الشم بالنسبة لمعظم المرضى، فيما أصيب كثيرون من الناجين باكتئاب مستمر ونقص بالطاقة تركهم منهكين لشهور، والأطفال وحدهم تأثروا أقل بكثير من البالغين.
موقف لحظة
الكلام أعلاه، هو ترجمة بتصرف لمقدمة تقرير كتبه الصحافي Ben Spencer المتخصص بأخبار الطب والعلوم في صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية، وطالعته “العربية.نت” بموقعها اليوم، وفيه معلومات تبشر بأكثر ما تحلم به البشرية المتشحة بالسواد حزنا على 4 ملايين و160 ألفا فتك بهم المستجد حتى الآن، من 194 مليون مصاب، وهو أن كورونا بدأ يفقد سطوته، كشمشون يتساقط شعره.
يقول التقرير المستند لمتخصصين بالفيروسات، إن كثيرا من العلماء يعتقدون بأن تفشي وباء 1890 لم يكن بسبب الإنفلونزا على الإطلاق، بل بسبب “كورونا” ظهر ذلك العام في الأبقار، وانتقل منها إلى البشر “تماما كما انتقل Covid-19 بالطريقة نفسها، ولكن من الخفافيش” لذلك يستنتج كاتب التقرير أن تلك الجائحة قد تخبرنا عن الموعد الذي ينتهي فيه “كورونا” الحالي، ويصبح مستوطنا كغيره من الفيروسات التي تكافحها لقاحات وأدوية متوفرة حين الطلب في الصيدليات، وبأرخص الأسعار.
أحد الذين استند إليهم التقرير، هو البروفسور Paul Hunter أستاذ حماية الصحة العامة في جامعة University of East Anglia بإنجلترا، والعالم بالفيروسات، فذكر أن “كورونا” سيتبع مسارا مشابها لتلك الجائحة ويتحول في النهاية إلى وباء، بحيث يصبح موسميا ينتشر كل شتاء، لكنه لا يسبب أذى كبير “وسيبقى هنا لمدى طويل.. سيصيب أحفاد أحفادنا، لكنه لن يكون لهم مشكلة خطيرة ” مضيفا أن العملية جارية حاليا بالفعل “بسبب اللقاحات التي غيّرت الأعراض، بحيث لم تعد تشبه أعراض كورونا العام الماضي (وأصبحت) تبدو أكثر شبها بنزلات البرد” كما قال.
وتحدث متخصص بالموضوع من جامعة University of Leicester في إنجلترا، هو الدكتور Julian Tang عالم الفيروسات الاكلينيكي، فذكر أن “كورونا” يحتاج من 3 إلى 5 سنوات ليستوطن بالكامل في المملكة المتحدة (أو بكل دولة لقحت معظم مواطنيها) لكنه أكد بأننا “لن نكون آمنين خلال السنوات الخمس إلى العشر التي يستغرقها تطعيم كل سكان العالم” وفقا لحساباته.
وظهر من بين من سألهم الصحافي عن موعد النهاية المرتقبة للمستجد، من يمكن اعتباره متفائلا أكثر من سواه، وهو David Matthews العالم البريطاني أيضا بالفيروسات من جامعة بريستول، فقال إن الأمر قد يستغرق سنوات عدة ليستوطن الفيروس “لكن يمكنني القول إنه بمجرد انتهاء هذه الموجة (الحالية من عدائية كورونا) فمن المحتمل أن يكون هذا هو أسوأ ما في الأمر” شارحا أن العالم لن يمر بسبب كورونا بأسوأ ما مر به منه حتى الآن.
“يمكنك اعتبار الوباء قد انتهى بالفعل”
أما الأكثر تفاؤلا من الجميع برحيل كورونا، فهو Francois Balloux مدير معهد الجينات في جامعة College London بالعاصمة البريطانية، وهو سويسري الأصل كما يبدو، بحسب ما استنتجت “العربية.نت” من اطلاعها على ملخص لسيرته، فقد قال: “يمكنك اعتبار الوباء قد انتهى، فيما لو استخدمنا معيارا ينص على أنه إذا كان لا يسبب مزيدا من إصابات ووفيات أكثر من أي فيروس آخر قيد التداول، فسوف أتفاجأ إذا كان لا يزال الأكثر فتكا بين الفيروسات بحلول الربيع المقبل” أي 10 أشهر من الآن على أكثر تعديل.
ذكر بالوكس أيضا، أن “مفتاح تفاؤل علماء الفيروسات هو فكرة المناعة” لأن كورونا كان خطيرا جدا حين ظهر من “ووهان” العام الماضي بالصين “حيث كان جديدا، ولم يكن لجهاز المناعة البشري طريقة لمكافحته” لذلك احتاج بتسعينات القرن 19 إلى 4 أعوام حتى يصاب عدد كاف من الناس بالعدوى لتصل المناعة إلى مستويات كبيرة، ثم 5 سنوات أخرى من المتحولات المتفرقة حتى اكتسب الفيروس هويته كمستوطن موسمي، وتم تسريع العملية هذه المرة بواسطة اللقاحات.
في التقرير أيضا، أن 29,000 تقريبا في إنجلترا وحدها، أثبتوا نتائج إيجابية بعد تلقيهم لقاحين، وشعر معظمهم بأعراض خفيفة، ولم يزر منهم المستشفى الا 1.656 فقط، بينهم 843 احتاجوا إلى المبيت. أما الذين لاقوا حتفهم بعد تلقيهم الجرعة الثانية من اللقاح، فاعتبر تقرير “صنداي تايمز” عددهم قليلا جدا، أي 224 في إنجلترا، منهم 4 فقط تقل أعمارهم عن 50 عاما.
المصدر: العربية