كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”:
ممتاز العمل على تشكيل حكومة، بين “غنج المتغنّجين”، وأولئك الذين يرتّبون شؤون ما قبل نفض الغبار عن السراي الحكومي.
فالطرفان يعملان “عا مهلون”، و”لشو العجلة”، طالما أن البلد عائم بالأدوية، والدولار، والكهرباء، والماء، والمحروقات، وكل الأساسيات، الى درجة أن الناس ينامون “مفتّحين بواب بيوتون” من شدّة الأمن والأمان.
قد لا يكون صاعِقاً إذا تمّ تشكيل حكومة جديدة، تجتمع حول طاولة في السراي، أو في قصر بعبدا، لنجد في المقابل “حكومات ظلّ”، تديرها الأيدي المسؤولة عن الأسواق المُوازِيَة، والأنشطة “السوداء” التي باتت كثيرة في البلد، بالإضافة الى المستوردين، والنقابيين، والمسؤولين عن عدد من القطاعات، الذين يُطالبون بحقّهم حتى آخر فلس، رغم أنهم يعلمون تماماً أن الشعب لا يتحمّله، حتى ولو كان مشروعاً لهم. وهم “يبيدون” شعباً كاملاً، بحجّة حصولهم على حقوقهم.
هؤلاء يرسمون وسيرسمون سياسات لبنان من الآن، والى ما بعد مدّة زمنية طويلة، من خلال التلاعُب بحاجات اللبنانيين الكثيرة والمختلفة، الى درجة أنهم سيُصبحون شريكاً مُضارِباً في السلطة، بشكل تدريجي ومُقنَّع.
نحن لا ننكر حقوق أحد. ولكن كما أن اللبناني الفقير مُقتَنِع حتى الساعة براتبه الهزيل، الذي لا يتناسب مع حقوقه، ويتفهّم الأوضاع التي فرضها الحصار على البلد، فإنه يتوجّب على الجميع في المقابل أن يتفهّموا ضرورات الحصار، وأن يلتزموا بها أسوةً بغيرهم، ووفق طاقتهم القصوى على التحمُّل، وذلك من باب العدالة. أما إذا لم يحصل ذلك، فلا بدّ من الإعلان صراحة عن أننا ننتظر تشكيل حكومة رسمية، ستقابلها حكومات وحكومات، في الأسواق السياسية المُوازِيَة، والسوداء.
ورأى الوزير السابق رشيد درباس أن “هذا الشريك المُضارِب في الحُكم، يمكنه أن يُصبح شريكاً مُفيداً للحكومة، في ما لو تمّ تشكيلها وفق قواعد سليمة، تفتح ثغرات في جدار الحصار المضروب على لبنان، وتمكّن البلد من التفاوض مع دول الخارج من جديد، ومع “صندوق النّقد الدولي”، و”البنك الدولي”، ومع الجهات المانحة، وتقدّم مشروع إصلاح يسترجع الثقة بلبنان”.
ولفت في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أنه “بمجرّد رفع الحصار، وعودة العلاقات مع الدول العربية والصّديقة الى مجاريها، ستُصبح الأزمة اللبنانية الحالية حافزاً لتلك الدول، وللجهات المانحة، لإعادة إحياء رعايتهم للبنان، وليسمحوا بتدفُّق العملات الأجنبية إليه من جديد. وحصول ذلك، يعني بداية تدريجية لتحوُّل الشريك المضارِب حالياً، الى شريك حميد”.
وعن حرص بعض النقابات والقطاعات… على الحصول على حقوقها المشروعة بالكامل، دون الأخذ في الاعتبار عَدَم قدرة اللبنانيين على التحمُّل، أشار درباس الى أنه “في الماضي، من كان يريد أن يهين شخصاً، كان يُطلِق عليه لقب “ثري حرب”. وهو تعبير يعني كل الذين يستغلّون ضيق الناس، والأزمات، وتبدُّل الأسعار، ليجنوا أرباحاً وثروات”.
وأضاف: “ثري الحرب” هذا، تغيّر شكله حالياً، بالمقارنة مع ما كان عليه في الماضي. وهو تحوّل من تاجر خردق مثلاً، الى نقابيّين، أو مسؤولين في هذا القطاع أو ذاك، والى تجار، وتجار كبار. ولكن النتيجة واحدة. ففي كل المجتمعات، والظروف الصعبة، توجد فئات تستغلّ الضّيقات، وتحاول أن تراكم الثروات من خلالها، وبلا مجهود”.
وعن الدّور المتوجّب على القضاء في تلك الحالة، أجاب درباس: “ليتوقّف رمي الأمور على القضاء، فيما الكلّ يعلم أنه بات يحتاج الى من ينتشله. فهو دُمِّر، وما عاد قادراً على القيام بما ينتظره الناس منه”.
وأوضح: “القضاء مشلول بقرار سياسي كبير، وبسبب الجُزُر القضائية التي صارت موجودة في داخله. بالإضافة الى إضراب المحامين حالياً، الذي يعطّل كل شيء في الوقت الراهن”.
وختم: “لا أحد ينتظر من القضاء الذي يُعاني من المشاكل في عمق أعماقه، أن يحلّ مشاكل الناس”.