كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”:
لعلّ زبدة ما يُمكن استخلاصه من جراء اعتذار الرئيس سعد الحريري عن تشكيل الحكومة، هو ما قاله وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن أن هناك عجزاً تاماً لدى القادة في لبنان عن إيجاد حلّ للأزمة التي تسبّبوا بها.
لبنان يشهد حالة تدمير ذاتي، كرّرها لودريان أيضاً، رغم أنها معلومة منذ وقت طويل. وفيما أعلنت الخارجية الفرنسية عن عَقْد مؤتمر دعم دولي جديد للبنان في 4 آب القادم، بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومن الأمم المتحدة، بهدف الاستجابة لاحتياجات الشعب اللبناني، عبّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن خيبة أمل، من جراء اعتذار الحريري.
ولكن بما أن المسؤولين عن زمام الأمور في لبنان، باتوا “خارج الخدمة” المطلوبة، فماذا يُمكن فعله إذا كان تنظيم انتخابات نيابية، وتجديد السلطة، مستحيلاً أيضاً، حتى في عام 2022، بحسب بعض المراقبين؟ فالمجتمع الدولي الذي فشل في فرض تطبيق المبادرة الفرنسية – الدولية تجاه لبنان، خلال سنة تقريباً، قد لا ينجح في فرض تجديد السلطة في لبنان، العام القادم.
الإصرار الأميركي والفرنسي على تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية، من أجل إنهاء الأزمة السياسية والإقتصادية والإنسانية في لبنان، أكثر من واضح. ولكن “عدّة الشّغل” المطلوبة لن تكون متوفّرة. وبالتالي، ما هي الجدوى من فرض عقوبات أوروبية في أواخر تموز الجاري، بعدما عادت الأمور حكومياً الى ما قبل “القرون الوسطى”، فيما الواضح هو أن الشعب اللبناني سيكون المُعاقَب الوحيد.
أشار مصدر مُطَّلِع الى أن “الأوضاع تتّجه الى مزيد من التدهور. وهو ما قد يودي بنا الى مرحلة تحضيرية لخروق دستورية إضافية، من حيث أن “العهد” سيمدّد لنفسه العام القادم، ولو من دون إعلان رسمي عن ذلك”.
ودعا في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى “انتظار مسار العقوبات الأوروبية، والخطوات التي يُمكن أن تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية في وقت لاحق. فالقرارات الدولية الحاسمة ستنطلق من واقع أن أكثر من طرف لبناني يخوض معاركه النهائية في الحياة السياسية، من خلال الحصار والأزمة الحالية. وبالتالي، سيقاتل هؤلاء كلّهم حتى النّهاية، وسيصمدون، طالما أنهم فقدوا الكثير على مستوى مستقبلهم السياسي”.
وردّاً على سؤال حول إمكانيّة تمديد الحصار الى ما بعد عام 2022، بكثير، أجاب المصدر:”كل الإحتمالات واردة. ولكن المشكلة هي أن لا قدرة لدى الشعب اللبناني على الصّمود، مثل باقي الشّعوب المُحاصَرَة”.
وشرح:”شعوب فنزويلا، أو كوبا، أو كوريا الشمالية، أو سواهم من الشّعوب المُحاصَرَة حول العالم، يُمكنها الإعتماد على وقوف الصين وروسيا الى جانبها. ولكن لا مجال أمام لبنان للإتّكال لا على موسكو، ولا على بكين، بسبب موانع كثيرة. وهو ما يجعل الشّعب اللبناني في وضع شديد الصّعوبة على الصّعيد العالمي”.
وختم:”عندما تُصبح الأزمة في مرحلة الذّهاب الى خارج الحدود اللبنانية، ستُوضَع ضمن صورة دولية مُكتمِلَة، تتلاقى مصالح الجميع على ضرورة حلّها”.