تُرى ألم يحِن بعد موعد التسوية السياسية التي ستخرج اللبنانيين من الواقع المزري الذي يعيشونه وتعيد تصويب مستقبلهم المعيشي والاقتصادي وفق قواعد جديدة تُرسم في الإقليم ولبنان؟ يبدو هذا السؤال الشغل الشاغل للبنانيين في هذه المرحلة، والذي يترجم هواجسهم في ظلّ الأزمات المتفاقمة حيث أي مؤشر ولو ضئيل للحلّ لا يزال معدوماً!
مما لا شك فيه أن كل المعطيات تشير الى أن انتظار اللبنانيين سيطول، اذ ان المفاوضات الحاصلة اليوم غير مرتبطة بالواقع اللبناني وقد لا تكون مرتبطة حتى بالواقع الاقليمي حاليا، حيث ان ايران وواشنطن، باعتراف اميركي، لا يناقشان بالمباشر سوى الملف النووي ومسالة رفع العقوبات عن طهران.
اما التفاوض السعودي – الايراني والذي لا يزال بحاجة لبعض الوقت حتى ينضج، ليس قبل يكسب الاطراف المعنيين الثقة فيما بينهم، فهو يتناول العلاقات الثنائية بالدرجة الاولى ومن ثم ملف اليمن، ويأتي الملف العراقي بالدرجة الثالثة والملف السوري بالدرجة الرابعة . أما الملف اللبناني فهو في آخر سلّم اولويات دول المنطقة.
من الواضح ان التسويات الاقليمية لن تؤدي الى حلّ الازمة اللبنانية، حتى ان الفرنسيين، الذين سعوا مرارا وتكرارا، فشلوا في التوصل الى اتفاق مناسب في الساحة الداخلية لأنهم عجزوا عن ضمان مواقف بعض الدول الاقليمية من حراكهم السياسي. ولعلّ الاجتماع بين المملكة العربية السعودية وفرنسا والولايات المتحدة الاميركية كان يهدف الى تأمين الغطاء للجانب الفرنسي كي يتمكن من القيام بأي خرق في الساحة السياسية اللبنانية.
اما عن موعد التسوية الداخلية، فهو بلا شك بعيد جدا وربما يصبح مستحيلا، اذ ان نظرية حرب الالغاء لا تزال سائدة لدى جميع الاطراف المعنية بالأزمة، فرئيس الجمهورية ميشال عون يرغب باستبدال الرئيس المكلف سعد الحريري رافضاً الذهاب معه الى تسوية سياسية او حكومية، بالمقابل فإن الحريري وحلفاءه من القوى السياسية لا يبدون قابلية لتحقيق أي انجاز سياسي لعون، وبالتالي فالحريري يفضل استمرار “العهد” على ما هو عليه، او ان يتم تشكيل الحكومة وفق الشروط الحكومية.
من هنا، فإن التسوية في لبنان مستبعدة، لكن ذلك لا يعني عدم حصول انفراجات اذ ان الفوضى الشاملة والانهيار الكامل غير مرغوب بها سواء داخليا او اقليميا.
لبنان 24