وانقضى الأسبوع الأول من الشهر التاسع على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة. وما جرى بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه السياسي من خصام وصراع وصدام على مدى أشهر الحَمَل الحكومي، بدءاً من يوم تكليف الحريري في 22 تشرين الأول من العام الماضي وحتى اليوم، أعدم كلّ السبل والمحاولات والمبادرات لولادة طبيعية لهذه الحكومة، وحتى الولادة القيصرية صارت بدورها متعسّرة، فلا مسهّلاتها وأدواتها متوفرة، ولا هو متوفّر أيضاً، الجرّاح الماهر لفتح البطن السياسي المتورّم وإخراج الجنين الحكومي إلى النور!
وفي موازاة هذا الانتفاخ، وطنٌ يحصي ما تبقّى له من أيام على قيد الحياة، بعدما سُدَّت عمداً كل الأنابيب التي تمدّه بأوكسيجين الحياة. والأخطر من ذلك، أنّ إرادة تسريع الإجهاز عليه، عادت إلى الظهور، اعتباراً من نهاية الأٍسبوع الماضي، في أسوأ تجليّاتها في عملية «تخريب منظّم» ترعاها «غرف سوداء»، أوكلت إلى شياطينها افتعال الأزمات في كل مجالات حياة اللبنانيين، وتحريك السوق السوداء ودفع الدولار الى مستويات خيالية. والى غربانها، النعيق على مواقع التواصل الاجتماعي، بتغريدات تورّم الإحتقان السياسي أكثر، وتدفع إلى الفتنة بين اللبنانيّين.
المجريات التوتيريّة المتلاحقة على طول المشهد الداخلي وعرضه، تشي بأنّ تلك الغرف السوداء، تُدحرج البلد إلى فوضى لا يقوم منها، وكلّ ذلك يجري على عين تجار السلطة المتحكّمين بالزمام، والقابضين على القرار. وليس منهم من يحاسبها أو يردعها، أو يجرؤ على فضحها وكأنّها أقوى منهم، أو من صناعتهم، أو شريكة لهم في المنحى التدميري للبلد الذي ينتهجونه بالتعطيل المتعمّد لتشكيل الحكومة، التي يعتبرها القاصي والداني بأنّها الفرصة للشروع في إطفاء نار الأزمة ونقل لبنان وشعبه المنكوب إلى برّ الأمان.