على وقع الغليان والحراك الشعبي والأزمات المعيشية الخانقة، يتوجّس اللبنانيون من عودة مسلسل الاغتيالات والفوضى، واتساع رقعة الانكشاف الأمني الذي جعل البلاد على مدى عقود ساحة لتبادل الرسائل وتصفية الحسابات، عبر التهديد بآلة القتل لكمّ أفواه كل من يعارضون سياسات القوى الحاكمة، وسط تصدعِ الدولة وهشاشة خاصرتها.
اغتيالُ لقمان سليم في منطقة يُحكمُ حزبُ الله قبضتَه الحديدية عليها أمنياً وعسكرياً، يُصعّبُ ألا يوضعَ في صُلبِ الاتهام أو على الأقل في شبهة المسؤولية، وهو من وجّه باستمرار الاتهامات للقمان بالعمالة لإسرائيل، وهاجم مناصروه منزله في الضاحية الجنوبية، ووزعوا منشورات تهدده بالقتل ووثقتها ملصقات عبارة “المجد لكاتم الصوت”.
اغتيال سليم أعاد إلى الواجهة من اصطُلحَ على تسميتهم “بشيعة السفارة”. وهو لقبٌ أطلقه إعلام حزب الله في ألفين وخمسة عشر ضد معارضيه من سياسيين وإعلاميين وناشطين ورجال دين، فأُلصقتْ بهم تهم تلقيهم تمويلًا من السفارة الأميركية، لمجرد خروجِهم عن البيئة الشيعية المؤيدة، وكسرهم الصورة النمطية الموالية بالمطلق لحزب الله.
سياسةُ الترهيبِ التي ينتهجها “حزب الله” ضد الأصوات المتزايدة الممتعضة من تمادي سطوته، لم يسلم منها ناشطون وصحافيون وحتى رفقاء العملية السياسية في لبنان. أمرُ عمليات قمعِ المعارضة السياسيةِ المتعاظمة عبر التصفية الجسدية المباشرة، بدأت معالمُه الجديدة بالظهور مع محاولة اغتيال النائب والوزيرِ مروان حمادة عام 2004، الذي نجا بأعجوبةٍ من تفجير استهدف موكبه وأدى إلى مقتل مرافقه غازي أبو كروم.
فكانت باكورة تسليم قرار لبنان لثنائية المشروعِ السوري – الإيراني عبر بوابة حزب الله اللبناني الذي مازال دم رفيق الحريري شاهدا على سلاحه.
فريق مهمة خاصة تقصى عن مسلسل الاغتيالات في لبنان من المسؤول ومن المستهدف؟ ما الدور الذي تلعبه إيران في جرائم الاغتيالات تلك؟ ولماذا يتعرض الناشطون المدنيون وكل من يطالب باستقلالية القرار اللبناني عن العباءة السياسية والدينية لإيران للتهديد والتصفية الجسدية؟ لماذا أصبحت لغة الرصاص هي الطاغية لتكميم الأفواه في لبنان؟