كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”:
تتحضّر القوى الدوليّة الكبرى، لزمن ما بعد السيطرة على جائحة “كوفيد – 19” داخل مجتمعاتها.
وتبقى العَيْن شاخصة الى المناطق التي تشكّل ساحات ساخنة، لصراعات سياسية واقتصادية وعسكرية، ومن أبرزها الشرق الأوسط، حيث الصّراع الفلسطيني – الإسرائيلي، والغربي – الروسي، والغربي – الصيني، بأشكال مختلفة، وحيث التصارُع الغربي مع محور “المُمانَعَة”، والخلافات الإقليمية – الإقليمية.
مبالغة
وفيما بدأت القوى الدولية برسم حدود نفوذها السياسي والإقتصادي والعسكري في المنطقة للمستقبل، تبالغ بعض الأطراف والقوى اللبنانية والإقليمية في التهليل للإنسحاب الأميركي العسكري من المنطقة، وفي التعويل عليه لممارسة “فلتان” أمني وسياسي، انسجاماً مع قراءة غير دقيقة تماماً، لأسباب وخطط ونتائج تغيير وجهة الإهتمامات الأميركية، وابتعادها عن الشرق الأوسط.
من قال؟
الصينيّون سيحطّون في إيران إقتصادياً، مستقبلاً. أما الروس، فيزيدون قواهم العسكرية في سوريا، تحضيراً للمستقبل. ولكن من قال إن الولايات المتحدة تترك لبنان والشرق الوسط لقمة سائغة للصينيّين والروس، أو للقوى الإقليميّة “المُعادِيَة” للنّفوذ الأميركي في المنطقة؟
حَدَث أساسي
أشار مصدر مُطَّلِع الى أن “استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قائد الجيش العماد جوزف عون، هو حَدَث أساسي يتخطّى بحَجْم مفاعيله لبنان، وقد تمّ بتنسيق فرنسي مع الأميركيين”.
ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى “يد أميركية في هذا الإطار، التقت مع رغبة فرنسية، وسط يأس فرنسي من كلّ ما في لبنان، إلا من الجيش اللبناني”.
وشدّد على أن “زيارة العماد عون فرنسا، هي رسالة فرنسية – أميركية، متعدّدة المضامين، ومهمّة جدّاً في توقيتها ودلالاتها للسلطات اللبنانية، كما للقوى الإقليمية والدولية، حول أن الأميركيين والأوروبيّين سيدعمون الجيش اللبناني، مهما تطوّر الإنهيار في لبنان، على محتلف الصُّعُد”.
خطّ أحمر
وأكد المصدر أن “من مضامين استقبال قائد الجيش في قصر “الإليزيه”، ما هو مُوجَّه لمختلف مكوّنات السلطة اللبنانية، التي أفشلَت المبادرة الفرنسية. ومنها ما يرتبط برئيس “التيار الوطني” النائب جبران باسيل. والمضمون الأساسي في الإستقبال هذا، أن قائد الجيش اللبناني هو خطّ أحمر”.
وأضاف: “أما المضامين الأخرى، فهي دعوة الى أن لا أحد يخدع نفسه بأن الأميركيين ما عادوا يضعون عينهم على لبنان، وأنه عاجلاً أم آجلاً، ستعود واشنطن إليه (لبنان) من جديد، وذلك كمفتاح دائم للمصالح الأميركية في المنطقة”.
وتابع: “من المستحيل أن تترك الولايات المتحدة الأميركية لبنان لروسيا أو لإيران. وإحدى أهمّ خمس سفارات أميركية في العالم، موجودة فيه (لبنان)، وهذا ليس أمراً عادياً”.
لا تتركه
وقال المصدر: “زيارة العماد عون فرنسا، أتت أيضاً بمثابة تأكيد أميركي لكلّ من روسيا وإيران ومحور “المُمَانَعَة”، أن واشنطن لا تترك لبنان، وأنها موجودة فيه، ولا يُمكن لأحد أن يؤثّر على ذلك. وهي (واشنطن) لا تسمح لموسكو بالتدخُّل فيه، إلا ببعض القضايا التكتيكية، السياسية أو الحكومية، بموازاة أن لا مانع أميركياً من سعي موسكو الى الحصول على بعض المكاسب النّفطية والإقتصادية من البوّابة اللبنانية”.
وختم: “لبنان كان ولا يزال غربيّ الهوى، ولا يمكن تغيير هويته. أما التدخُّل الروسي فيه، فهو لإبعاد أي خطر عن المصالح الروسية في سوريا، انطلاقاً منه (لبنان)، وليس بموجب علاقات بالمعنى الاستراتيجيّ الدّقيق”.