لا يمكن تثبيت المشهد في لبنان بعد في ضوء استمرار تبادل ادوار إقليمية ودولية على خشبة مسرح المنطقة، لكن الواضح والاكيد هو تراجع دور لبنان بالمطلق، ما يحتم على أصحاب القرار الاقرار بأن لا طاقة للبنان ولا قدرة له على تحمل تبعات التسويات او خوض صراع المحاور.
من المؤكد بأن الازمة اللبنانية بتعدد وجوهها وجوانبها ترخي بثقلها ولا تمنح حكام لبنان فرصة التقاط أنفاسهم ، وبات الجميع اسرى العجز المتمادي ما يجعل قدرتهم على الإمساك بمقاليد السلطة ، كما كان الوضع سائدا في السابق، ضربا من ضروب الخيال، و بات من المستحيل انتشال لبنان من عمق الحفرة دون تسوية شاملة مكتملة العناصر دوليا.
لعل وطاءة الوضع الداخلي يضاف إليها العقوبات والاستحقاقات الانتخابية على انواعها، تدفع النائب جبران باسيل إلى خيارات سياسية حادة خصوصا وان مستقبله الشخصي كما وضعية تياره السياسي على المحك، خصوصا على مسافة غير بعيدة من الانتخابات النيابية في أيار 2022 .ويدرك باسيل اكثر من غيره ، بأن قوى داخلية، كما أطراف خارجية تتحين الفرصة لنزع ما يسمى “التمثيل المسيحي”عنه.
من المؤكد، بأن فشل عهد عون وتحوّل لبنان إلى “جهنم حمرا” ، كما بشّر عون اللبنانيين بنفسه، لا يتيح امام باسيل خيارات عديدة، وليس أمامه من سبيل سوى الركون إلى التحالف مع حزب الله كرافعة ضرورية في المرحلة المقبلة رغم كل الملاحظات التي وصلت إلى حدود اتهام باسيل حزب الله بالتخلي عن الحليف العوني لحسابات أخرى أبرزها حسابات البيت الشيعي و كالتي تفرض الانحياز إلى الرئيس نبيه بري عند المفترقات المصيرية.
على أهمية هذه الأسباب،ذهب باسيل بعيدا حد الالتصاق بالمحور الايراني، وما برز مؤخرا يوحي برهانه على تطورات جديدة على أكثر من صعيد إقليمي للافادة منها داخليا. ومن الواضح بأن باسيل يركب موجة محور إقليمي على حساب آخر عبر الإشادة بإعادة انتخاب الرئيس السوري بشار الأسد وصولا إلى الموقف من حركة حماس والذي تجاوز بكثير مبدأ التضامن مع الفلسطينيين في مواجهة العدوان الاسرائيلي.
ابعد من الإجماع بأن وضع لبنان لا يحتمل رهانات وانه قابل للانفجار دفعة واحدة ، تبرز تساؤلات كثيرة حيال قدرة باسيل على اخذ المسيحيين الى خيارات متطرفة وتدفعيهم أثمان صراعات المحاور وانقساماتها، خصوصا بأن لا ضمانات عن حصص محفوظة لاي فريق في حال عقد التسويات.
في هذا المجال، يؤكد مراقبون بأن محاولة باسيل محفوفة بالمخاطر حتى داخل البيئة المسيحية والتي لا تحتمل الإستمرار بمنح الغطاء الشعبي لتحالف التيار مع حزب الله بإسم المقاومة والتحرير ومواجهة الاطماع الاسرائيلية، بعدما بات واضحا تبادل المصالح بين الطرفين والذي أفضى سابقا إلى شغور رئاسي طويل حتى وصول “الرئيس القوي” مقابل التغطية على انخراط الحزب في حروب عسكرية طاحنة في سوريا والعراق و اليمن.
أضف إلى ذلك أن باسيل، دون سواه، خسر الانتخابات النيابية العام ٢٠٠٩ بفعل مشاعر الغضب المسيحي في البترون بعد مقتل الطيار في الجيش سامر حنا ، ما افقده بشحطة قلم كل الرصيد السياسي الذي راكمه من ٧ أيار حتى مؤتمر الدوحة.
المصدر: لبنان 24