كان لافتا البيان الذي اصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، مساء امس، اكان لناحية التوقيت او المضمون، لا سيما انه اعطى الامل بامكانية استرداد الودائع، وبالعملات الصعبة، في وقت يجري فيه البحث جديا عن رفع الدعم عن السلع والمواد الغذائية الأساسية.
وقد شدد مرجع اقتصادي ان ما قام به سلامة يندرج في اطار السياسة النقدية، وبالتالي لم يتعد على احد او على صلاحية اي طرف، ولم يتخط حدوده، على خلاف رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الذي اخفق في الكثير من الملفات، كان اهمها قرار وقف دفع سندات اليوروبوندز وما تركه من تداعيات سلبية على الثقة بالبلد.
وفي مضمون البيان، توقف المصدر عند امرين اساسيين: تحرير الودائع المصرفية بالعملات الصعبة. والمحافظة على ما تبقى من قيمة لليرة اللبنانية، التي لا يمكن تركها بين المضاربين في السوق السوداء، وفي موازاة ذلك، لا يمكن لاحد ان يمنع الناس من الحصول على اموالها وودائعها.
وقال المصدر: هذه الاموال (25 ألف دولار أميركي )، بحسب سلامة اتت من نجاح التعميم 154 الذي دفع المصارف إلى تأمين 3% سيولة لدى المصارف المراسلة، لكن اذا كان بعض المشككين يقولون انه يعطي من الاحتياطي للناس، فما الخطأ في ذلك، فالناس تريد اموالها. واضاف: كيفما كان التحليل، “قصة تحرير الدولارات ضربة معلم”.
اما الاهم في بيان الامس، هو الاعلان عن اطلاق “مصرف لبنان منصة “صيرفة” (SAYRAFA)، أي المنصة الالكترونية لعمليات الصرافة بمشاركة المصارف والصرّافين، مع ما تؤمّنه هذه المنصة من شفافية في الأسعار وفي المشتركين فيها بحيث لا تشمل الصرافين غير الشرعيين. وسيصدر مصرف لبنان التعاميم إلى الجمهور فور الحصول على إجابة معالي وزير المالية كما ينصّ القانون”.
وهنا، قال المصدر: اهمية هذه المنصة تترافق مع تحرير الودائع اذ ما النفع ان نال المودعون اموالهم، واستمرت الليرة في التدهور، وبالتالي فان المنصة ستضمن الشفافية بالسعر، وفي المقابل: من سيبقى على تعامله مع السوق السوداء، هم المهربون ومبيضو الاموال وممولو التهريب الى سوريا، ومن يخشى العمل بشكل رسمي من خلال معاملات المصارف.
واشار المصدر الى ان نص البيان واضح ان المنصة ستكون مفتوحة امام المؤسسات والافراد، على خلاف ما اعتقده البعض انها محصورة بالطلب المؤسساتي، وبالتالي لم يعد هناك اي مبرر للحملة على المنصة… وبالتالي، هنا ايضا استطاع رياض سلامة تسجيل نقاط في السياسة النقدية! في مقابل السياسة المالية للحكومة التي كانت فاشلة على كل المستويات وكل الملفات، وصولا الى الكابيتال كونترول الذي هو بدوره مخالف للقانون والدستور.
وردا على سؤال، اشار المصدر الى ان سلامة على الرغم من خطواته الايجابية في هذا المجال، الا انه يبقى مكبلا بالضغوط الاميركية، او القوانين الاميركية، ولا سيما منها قانون قيصر، اذ ان التدقيق بهوية من سيسحبون العملة الخضراء سيكون حازما بما يحول دون تهريبها الى سوريا…
ورأى المصدر ان هذا “الحسم”، سيؤدي الى وجود متضررين، سيدفعون بالبعض من اجل القول انهم لم يحصلوا على اموالهم، ولكن هنا لا بدّ من التنبيه ان لبنان- القائم على اقتصاد مدولر – ليس في جزيرة معزولة، بل يجب الامتثال الى القانون الاميركي، ومعلوم هنا ان “لا اصحاب للاميركيين على هذا الصعيد”، لذا لا يمكن لسلامة ان يرضخ لمطالب السياسيين، لان هناك ضوبط لا يمكن تخطيها.
وعن ابعاد بيان سلامة، قال المصدر: هناك بعدان اساسييان:
– بعد داخلي له علاقة بموضوع Capital requirement اضافة الى حجم التهريب الذي يمكن ان يكون عنصرا اساسيا لمواجة سلامة الذي من خلال الاجراءات التي سيتخذها تباعا سيحول دون تهريب الاموال الى سوريا ، والا ستذهب الاموال هدرا مجددا.
– بعد دولي بامتياز، اذا خالف القوانين الاميركية فان مصرف لبنان وحاكمه سيكونان بدورهما تحت العقوبات.
وبالتالي، شدد المصدر على انه اذا سلامة نجح في ما يقوم به فان الطبقة السياسية “المتضررة” او خصومه السياسيين لن يكونوا راضين وسيعملون على 3 جبهات: التشهير الاعلامي، الدعاوى امام القضاء، زيادة التهريب او المساعدة او التغطية عليه… وكل ذلك من اجل تفشيل حاكم المركزي.
وختم: في ظل الازمة الحاصلة حاليا، الطبقة السياسية فشلت في كل الملفات، في حين ان سلامة هو الوحيد الذي اعطى امرا ايجابيا من خلال بيان امس لكن الرهان على النجاح في التنفيذ.