كتب آلان سركيس في”نداء الوطن”: القراءة بين سطور ما قاله المعاون السياسي للرئيس نبيه برّي النائب علي حسن خليل في ذكرى مجزرة قاناعن حقّ الناس بالثورة يكشف حجم التوتّر الحقيقي بين القيادة السياسية لـ”حزب الله” وحركة “أمل”، ومن ثمّ الإشكالات بين جمهور “الثنائي الشيعي” والتي تحاول القيادة لجمها والسيطرة عليها.
وفي السياق، فان التباين الأكبر بدأ منذ اندلاع الثورة السورية العام 2011، وهذا ما يُفسّر إنزعاج القيادة السورية من برّي. أما التباين الثاني فهو في علاقات بري مع الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج العربي، فاذا كان الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله يقود جبهة الهجوم السياسي والأمني على تلك الدول، إلاّ أن الرئيس برّي يُحافظ على أفضل العلاقات معها ولم يقطع “شعرة معاوية”، ويترك صلة وصل بين البيئة الشيعية وتلك الدول.
وتصرّ قيادة “أمل” على تأكيد لبنانية “الحركة” وامتدادها العربي ،والجميع يتذكّر أن الرئيس برّي من أكبر المنظرين لنظرية الـ”س – س”، على اعتبار أن التوافق العربي يحمي استقرار لبنان.
ويأتي التباين الأكبر في الملف الداخلي، إذ إنّ الجميع يعلم مدى التباعد بين بري من جهة والرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل من جهة ثانية، والجميع يتذكّر أن بري كان الوحيد بين الزعماء الكبار الذي لم ينتخب عون رئيساً وقد حذّر من أن البلاد ستكون أمام رئيسين “إذا انتخبنا عون”، واليوم يقف بالمرصاد رافضاً نيل باسيل الثلث المعطّل، وهذا ما قاله حسن خليل ويكرّره نواب “التنمية والتحرير” في كل مواقفهم، ويبقى”حزب الله” الداعم الوحيد للعهد على رغم عدم تحبيذ نصرالله نيل أي فريق هذا الثلث.
وعلى رغم حديث نصرالله مرّات عدّة عن أن بيئته لن تجوع، إلا أن هناك صوتاً شيعياً قوياً بدأ يصدح ويقول “جعنا يا سيّد”، وهذا الصوت ليس من معارضي سلاح “الحزب” أو المجتمع المدني فقط، بل هو في جزء منه من جمهور حركة “أمل”، وليس حديث علي حسن خليل عن تجدّد الثورة إذا ما رُفع الدعم إلا الدليل على ما وصل إليه إقتصادياً القسم الأكبر من الشيعة.
لا يُنكر أحد أن “حزب الله” يُقدّم لمناصريه ومحازبيه تقديمات كثيرة ويدفع بالدولار، لكن المؤشرات تدلّ على أن هذه التقديمات لا تُغطّي أكثر من 25 بالمئة من البيئة الشيعيّة، فيما الجزء الأكبر من الشيعة ينطبق عليه ما ينطبق على بقية اللبنانيين.
كل تلك العوامل، إضافةً إلى تراجع عمل معظم المصالح والقطاعات في كل لبنان…تدفع الشيعي مثله مثل أي لبناني آخر للثورة والإنتفاضة على الواقع، وهنا لم يعد يهمّ الإنتماء السياسي أو الديني بل إن الجوع يضرب الجميع.
المصدر: نداء الوطن