بعد أكثر من 20 عاماً على تدخلها في أفغانستان واسقاط نظام حكم جماعة ““طالبان”، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، قبل يومين، بدء انسحاب القوات الأميركية من هناك، اعتباراً من الأول من أيار المقبل، على أن يكتمل ذلك بحلول 11 أيلول من العام الجاري 2021.
وفي حديثه، قال بايدن إن “الوقت قد حان لوضع حد لأطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها”، مؤكداً أنه “للأفغان حق في حكم بلادهم، وأن القوات الأجنبية لن تخلق حكومة مستقرة”.
ووسط هذا الإعلان الأخير من الرئيس الأميركي، فإن الأنظار تتجه إلى الشارع الأفغاني الذي يعيشُ مخاوف كبرى من سيطرة ““طالبان” من جديد على السلطة والبلاد.
ووفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز“، فإنّ “الانسحاب الأميركي من المحتمل أن يكون بداية فصل صعب آخر للشعب الأفغاني، ويثير تساؤلات كثيرة لدى الكثيرين بشأن مستقبلهم بعد خروج القوات الأمريكية من البلاد.
ويخشى العديد من الأفغان من أن جماعة ““طالبان” قد تقترب من السلطة من دون وجود الجيش الأميركي، علماً أنها تقاتل الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة، وتسيطر بالفعل على مساحات شاسعة من المناطق الريفية في البلاد.
وفي كابول، يقول المواطن الأفغاني محمد إدريس (31 عاماً)، الذي يعمل في منظمة غير حكومية أجنبية: “الانسحاب ليس لمصلحتنا. سيكون هناك عنف، وسيزداد انعدام الأمن بشكل كبير ، ومرة أخرى سيبدأ الشعب الأفغاني بمغادرة أفغانستان وطلب اللجوء في بلدان أخرى”، وفق ما ذكرت شبكة ““CNN” الأميركية.
إلى ذلك، قال الرئيس الأفغاني، أشرف غني، الأربعاء، إنه تحدث إلى الرئيس الأميركي، وأنه “يحترم قرار الولايات المتحدة” بسحب القوات من بلاده.
وقال غني، عبر “تويتر”: “قوات الأمن والدفاع الأفغانية الأبية قادرة تماماً على الدفاع عن شعبها وبلدها، وهو ما كانوا يفعلونه طوال الوقت، وسيظل الشعب الأفغاني ممتناً (لها) إلى الأبد”.
مخاوف من حرب أهلية
غير أن رئيس البرلمان الأفغاني مير رحمن رحماني، كان له موقف مخالف، إذ اعتبر أنّ “الوقت غير مناسب لانسحاب القوات الدولية، وسيؤدي ذلك إلى مزيد من تدهور الوضع، بل وسيؤدي إلى اندلاع حرب أهلية في أفغانستان”.
بدورها، قالت فاطمة جيلاني، مفاوضة الحكومة الأفغانية التي تشارك في محادثات السلام المستمرة مع ““طالبان”: “الانسحاب من دون التوصل إلى سلام في أفغانستان هو أمر غير مسؤول، وأكثر ما يقلقنا هو نشوب حرب أهلية”.
ومن شأن عودة ““طالبان” إلى الحكم أن تقوّض المكاسب التي تحققت بشق الأنفس للنساء الأفغانيات منذ الإطاحة بالجماعة من السلطة في العام 2001.
وتحت حكم ““طالبان” في أواخر التسعينيات، تم استبعاد الفتيات من التعليم ولم تكن معظم النساء قادرات على العمل أو حتى مغادرة المنزل بمفردهنّ.
إلى ذلك، قالت وحيدة صادقي (17 عاماً)، وهي طالبة بالصف الحادي عشر في مدرسة برديس الثانوية في كابول: “أنا قلقة للغاية بشأن مستقبلي. يبدو غامضا جداً. إذا استولت طالبان على السلطة، سأفقد هويتي. يتعلق الأمر بوجودي. الأمر لا يتعلق بانسحابهم”.
من جهتها، تحدثت فوزية أحمدي (42 عاماً) عن مخاوفها بشأن مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي. ووفقاً لـ ””CNN”، فإنّ أحمدي تُحاضر حالياً في جامعة خاصة في إقليم بلخ في شمال أفغانستان، وهي وظيفة لم تكن تحلم بها عندما كانت طالبان تحكم البلاد في التسعينيات.
وتقول السيدة أحمدي: “لدينا ذكريات سيئة عن نظام طالبان. لم يُسمح للنساء بالذهاب إلى المدرسة أو الجامعة ولا يمكننا حتى الذهاب إلى السوق بمفردنا”.
وأوضحت أحمد أنه “في ظل الحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب، تمت حماية حقوق المرأة، لكن خطر التراجع يلوح في الأفق”، وأضافت: “أفكار طالبان هي نفسها كما كانت في عام 1996. نخشى على حريتنا”.
في غضون ذلك، قال أحد الطلاب في كابول لـ ””CNN” إنه “واثق من قدرة الحكومة المدنية الأفغانية على صد طالبان والحفاظ على المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في البلاد للمجتمع المدني”.
وقال سيد شهير، الطالب في جامعة كابول البالغ من العمر 20 عاماً ، والذي عاش حياته كلها في ظل الحرب الأميركية هناك: “يعتقد البعض أن أفغانستان ستقع في أيدي المسلحين بعد انسحاب الأمريكيين، إلا أن الأمر ليس كذلك. يمكننا إعادة بناء بلدنا وسننعم بالسلام. قواتنا الأمنية والدفاعية أقوى من ذي قبل”.
المصدر: لبنان 24