المصدر: International Scopes – سكوبات عالمية | شادي هيلانة
هل يتمكن سياسي لبناني واحد أن يتصدى للتدخلات الخارجية المعرقلة؟
يتم التداول في الأوساط السياسية والاعلامية عن مسودة حكومية باتت جاهزة، وهي اخذت مسارها وفي طريقها الى قصر بعبدا، لكنها ما زالت ضمن الحبر على الورق.
على الرغم من أنه تم تكليف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري برئاسة الحكومة، إلا انه لم يتمكن من تشكيلها، في ظل وجود تحديات كُبرى التي تحتاج إلى المعالجة بشكل عاجل، لمواجهة الانهيار الاقتصادي والمالي بتنفيذ تعهدات مؤتمر “سيدر”، بالإضافة إلى القيام بإصلاحات جذرية، خاصة في قطاع الكهرباء الذي يكلف الدولة اللبنانية سنوياً ملياري دولار، وتطوير قطاع الاتصالات ومعالجة النفايات… وهي من ابرز المشاريع التي خصص لها “سيدر” ميزانية خاصة، وقد أصدرت “شركة ماكينزي العالمية” في كانون الاول من العام 2019 تقريرها الخاص عن لبنان، والذي تضمن خارطة طريق لتنفيذ معظم بنوده.
الا أن الوصفة الوحيدة لدى الحريري، تتمثّل في حكومة اختصاصيين مستقلة عن كل الأحزاب، في محاولة لفرملة الانهيار الشامل.
لكن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر ومن خلفهما حزب الله، يشترطون الاتفاق المسبق على الحكومة المقبلة ومن ثم الوزراء وتوزيع الحقائب بعكس المسار الدستوري لتأليف الحكومات، الذي يهدف الى عدم إعطاء شرعية للحريري وضمان شرعنة الحزب في أي حكومة مقبلة.
– حزب الله تحت مطرقة واشنطن لإلغائه
في المقابل ترفض ” واشنطن” هيمنة حزب الله وحلفائه على كافة مفاصل الدولة، فالعملية برمتها تقضي الى ” ليّ ذراعه ” وقد صنفته الولايات المتحدة الاميركية منظمة إرهابية وبأنه يدعم الفاسدين ويغطيهم، في ظل مطالبات شعبية للقضاء بمحاسبة مسؤولين وسياسين لتورطهم في حادثة المرفأ وقضايا فساد أخرى.
فكانت الرسائل الاميركية واضحة حيال هذا الامر، واستهلكت اهمّ أسلحتها من فرض العقوبات القاصمة على الفاسدين كما تصنفهم، ومن يقف مع مشروعه السياسي، ببرنامج “العقاب الأسبوعي” وبشكل مستمر.
– الحزب يحمي ظهره
من جهته، يرى حزب الله ان “حكومة سياسية” هي الانسب له في هذه المرحلة الاقليمية الدقيقة، إذ يعتبر أن كل ما يجري في لبنان يستهدف سلاحه وامتداده الإيراني وأن قبوله بحكومة تكنوقراط أو حيادية هو استسلام وكأنه يسلّم رأسه.
وبالتالي هدفه الاساسي ترميم التسوية الرئاسية أو تسوية مصغرة شبيهة، تشترك فيها معظم الأحزاب الأساسية وتنتج حكومة جديدة، تكون رهينة لهُ وفق مقولة “إما ننجو معاً أو نغرق معاً”.
– الوقت القاتل
وعلى صعيد متصل، لقد آن الاوان لانعقاد حكومة تصريف الاعمال برئاسة “حسان دياب”، بعدما باتت مسألة تشكيل الحكومة الجديدة ضرباً من المستحيل في ظل التعقيدات الإقليمية من جهة، والجشع والكسل عند اللاعبين المحليين المعنيين بالتاليف من جهة اخرى.
هذا إن لم تدخُل مسألة انعقادها في بازار النكد اللبناني بين الأطراف، سواء من رئاسات أو مرجعيات أو احزاب، فحكومة تصريف الأعمال عليها ضرورة الانعقاد لملء الفراغ الذي سيطول اذا ما طالت معها التسوية الاقليمية، خصوصاً مع ظهور ملفات ملحة تحتاج إلى اتخاذ قرارات وإلى اجتماع مجلس الوزراء من جديد.
وبانتظار الفرج الإلهي، يبقى السؤال : هل يتمكن سياسي لبناني واحد أن يتصدى للتدخلات الخارجية المعرقلة! ويخاطب إيران وسوريا والأتراك والسعوديين والاميركيين؟
فنحن محكومون بقرار دولي يتوسع أكثر وتدق أسافينه في ضلوع اللبنانيين وهم يخوضون حرباً مريرة، أما إيران وباقي الدول فتتفرج على نزيفنا وخراب إقتصادنا ودمار مدننا وغموض مستقبل أجيالنا !