نادر حجاز – mtv
أقرّ مجلس النواب في موازنة 2022 مضاعفة رواتب القطاع العام، إضافة الى قرارات رفع الدولار الجمركي كما سعر الصرف الرسمي الى 15 ألف ليرة. إلا أن السؤال الأهم هو من أين ستأتي الدولة بالأموال بالليرة اللبنانية خصوصاً وأن لبنان دخل عملياً بشبه دولرة شاملة في مختلف القطاعات؟
“عبر طباعة العملة”، للأسف هذا هو الجواب، وفق الخبيرة في الاقتصاد النقدي الدكتورة ليال منصور، التي حذّرت عبر موقع mtv من الاستمرار بهذه السياسة التي أدت الى التضخم، لا بل بلغ لبنان مرحلة حرجة جداً، تُعرف اقتصادياً بإسم hyperinflation، وهي المرحلة التي يبلغ فيها التضخم الشهري في أي دولة نسبة 50 في المئة. ولبنان بلغ هذه النسبة منذ أشهر وبات يحتلّ المرتبة الثانية أو الاولى عالمياً في نسبة التضخم. وأما الخطورة فهي بأن التضخم في لبنان ليس خارجياً بسبب أسعار النفط أو غيرها، إنما بسبب السياسة النقدية المتبعة.
إذاً طباعة العملة لا تؤدي الا الى التضخم، وهنا تذكّر منصور بالاقتراح الدائم عبر مجلس النقد الـcurrency board، أو بمعنى آخر أكثر بساطة كما تقول: “طفّي المطبعة”، وهذه الطريقة الوحيدة التي تجعل المصرف المركزي يتوقف عن الطباعة وخلق تضخم وزيادة الانهيار. لكن الازمة طويلة، تضيف، فوقف طباعة العملة ومجلس النقد بحاجة الى مجلس نواب والى ارادة وقرار سياسي وتصويت الأكثرية، وفي المقابل طالما المصرف المركزي يطبع الليرة فإن الانهيار سيستمر كما الأزمة الاقتصادية.
ولكن ماذا عن الضرائب؟ أشارت منصور الى أن زيادة الضريبة ربما تحقق إيرادات إضافية للدولة ولكن بحال استمرار الاستهلاك فقط، لكن زيادة الضرائب لا تحصل بطريقة مدروسة، إضافة الى ان زيادة الضرائب في أوقات الانهيار الاقتصادي لا تحقق إيرادات، فالسياسة الضريبية لا توضع خلال الانهيار، وبالتالي أي زيادة رواتب أو مصاريف ستغطى حكماً من طباعة الأموال.
وفي ظل التضخم القائم، هل اقترب موعد طباعة عملة المليون ليرة؟
تجيب منصور: “قال حاكم “المركزي” رياض سلامة في تصريح سابق له إنه يستبعد طباعة المليون، ولكن من الممكن اتخاذ هذا القرار ولا يمكننا أن نعلم به في وقت سابق”، مستطردة بالقول: “لكن حتى لو طُبع المليون أو الـ500 ألف ليرة، فإن لا تأثير اقتصاديّ لها أبداً، إنما التأثير هو معنوي ونفسي وعملي فقط، وهذه الخطوة تعني أننا تقبّلنا التضخم والانهيار ونتعايش معه بدل التفكير بمحاربته”.
إذا على اللبنانيين أن يعتادوا على حمل أموالهم بهذه الكميات الكبيرة أم أن هناك طريقة أخرى تلغي بعض الأصفار؟
تقول منصور: “هناك طريقتان لتخفيف الأصفار، طريقة ناتجة عن تحسن ونمو اقتصادي وتكون تداعياتها الاقتصادية إيجابية جداً، وهذه ليست حال لبنان، وطريقة ثانية تقوم على سحب الأصفار فقط لتسهيل التعامل، وهذه ليس لها أي تأثير اقتصادي لا إيجابي ولا سلبي، وهي شبيهة بطبع عملة جديدة، وبالتالي لا تأثير اقتصادي لها على الاطلاق”.
كلام مقلق ولا يبشّر بالخير، فالعودة الوحيدة الايجابية عن التضخم الذي بلغناه هي عبر نمو اقتصادي حقيقي لا مصطنع، الأمر الذي لا يبدو انه في المتناول قريباً. وعليه فإن الدولرة هي قدر محتوم على اللبنانيين في الوقت الراهن، ومَن أراد أن يحمل أمواله بالليرة عليه ابتكار وسائل تسمح له بنقلها، فحكماً محفظة الأموال الشخصية لم تعد تتسع لراتب شهر واحد.