من جديد تتكرر لعبة تعطيل النصاب في المجلس النيابي لتطير جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وبانقضاء جلسة الأمس دون نتيجة بفعل تكاتف غير معلن بين قوى الورقة البيضاء وقوى الاستنكاف عن المساهمة في منع حصول الشغور، يدخل اليوم الإستحقاق الدستوري في الأيام العشرة الأخيرة من نهاية ولاية ميشال عون بدون أن يلوح أي أمل على المستوى الرئاسي.
أما في الإستحقاق الحكومي فالصورة ليست بأفضل حال، إذ تبدو الأمور رهن تعقيدات لا يظهر أن حلها متيسر من دون معجزة، علمًا أن المسار بين التأليف ونيل الثقة يستلزم وقتًا لصياغة البيان الوزاري، والمدة الفاصلة حتى مغادرة الرئيس عون قصر بعبدا إلى الرابية ضيقة جداً، فكيف السبيل لإتمام هذا الاستحقاق إذا كان من نية لإتمامه؟
مصادر سياسية لفتت في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية إلى أنه في ظل الاستقطاب الواضح من القوى المسيحية التي تناهض حزب الله، فإن الحزب سوف يتمسك بالمقابل بدعم النائب جبران باسيل، دون أن يذهب إلى تبنّي أي مرشح رئاسي حتى اللحظة لكي لا تنكسر الجرة بينه وبين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، خصوصًا وأن الحزب لا يزال بحاجة إلى الغطاء المسيحي الذي يوفره له باسيل.
وفي سياق مرتبط، أشار نائب الجماعة الاسلامية عماد الحوت للـ “الأنباء” الالكترونية إلى أن “حزب الله لم يعد قادرا على الإتيان برئيس يتصادم مع الفريق الآخر. بينما هناك فريق يريد رئيساً لا يمثل أكثر من نصف اللبنانيين ويريد تنصيبه على كل اللبنانيين وهذا خطأ. فهناك فرق شاسع بين رئيس لكل اللبنانيين ورئيس ليس لديه القدرة كي يجمع حوله مجموعة من اللبنانيين. فالبلد محكوم بالتوازنات بين اللبنانيين”.
ورأى الحوت أن “تجارب الثلاث الفاشلة لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية كرّست واقعاً ملفتاً، بأن ليس هناك اي فريق سياسي بمقدوره ان يفرض الرئيس الذي يريده، ولذلك نحن بحاجة الى واقع جديد يمكننا من التفاهم على رئيس نستطيع التعاون معه، كلّ من وجهة نظره. فإذا بقينا على هذه الحال واضح اننا ذاهبون الى الفراغ، وقد يستمر حتى نهاية السنة او مطلع السنة المقبلة بانتظار ان تأتينا لحظة اقليمية ودولية بمكان ما تفرض علينا الرئيس التي تريد. لكن في الوقت عينه نحن معنيون كقوى سياسية أن نسهل عملية انتخاب الرئيس حتى لا تفرض هذه اللحظة خياراتها علينا”.
بمعنى آخر يضيف الحوت “يجب التفتيش على رئيس وفاقي وليس توافقياً”، مشيراً إلى أن الأسماء الجدية “هي الأسماء التي لا تطرح. والأمور ما زالت غير ناضجة لأن هنالك جزءا من القوى السياسية وضع لنفسه مجموعة من المعايير بأن يكون الرئيس قادرا على تقديم مصلحة البلد على اي مصلحة اخرى ويستطيع أن ينتشل لبنان من محنته وأن يعيد النهوض باقتصاده المنهار وإعادة بناء الدولة.
وبالمقابل هناك فريق آخر لديه هواجس مرتبطة بقدرته على ادارة الدفة السياسية من خلال فائض القوة الذي تميز به. بينما المطلوب من الرئيس احترام وحدة المعايير مع الجميع وأن يكون قادرا على أن يتحاور مع الفريق الذي لديه هواجس”.
بدوره رأى الوزير السابق رشيد درباس أنه “لا يوجد أحد لديه القدرة على العمل الإيجابي، إذ هناك عشرة أيام متبقية من عمر العهد، وكلما حذفنا ورقة من الرزنامة يظهر وراءها فخ كبير. فإذا استطعنا تحاشي تلك الافخاخ والالغام قد نصل يوما ما إلى حل”.
درباس اعتبر عبر “الانباء” الالكترونية أن “لا انتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور. وما لا يدرك كله لا يدرك ظله”، مستغرباً في مقابل ذلك ربط الأمور ببعضها وتذرّع البعض بعدم القدرة على العمل بوجود حزب الله، داعيا الى عدم ربط الامور بحزب الله، وسأل: “كيف تمكن الرئيس رفيق الحريري من تنفيذ هذه المشاريع بوجود السوريين وحزب الله؟”.
ولفت درباس في ظل ما يجري إلى أن “هناك خمسة بنود إذا نجحنا بتنفيذها يمكننا تجاوز هذه الأزمة. وهي تبدأ بإعادة هيكلة المصارف، والكهرباء، وإعادة ترميم البنية التحتية للقضاء، وتأمين حوكمة رشيدة للغاز. فإذا انجزنا كل هذه البنود وأظهرت الحكومة حسن نية للمضي بالإصلاح من حمأة الفساد نكون قد قطعنا شوطا كبيرا على طريق اعادة المؤسسات، خاصة وأن مشروع حزب الله غير قادر للحياة الطويلة”.
وبانتظار أن تنجلي الغيوم المتلبدة الكثيفة أمام الاستحقاق الرئاسي، ثمة من لا يزال يعوّل على تأليف حكومة لعلها على الأقل تمنع باسيل ومن يغطيه من تنفيذ التهديد بالفوضى في كل البلاد.