كثيرةٌ هي الصّور الإنتخابيّة التي نَقَلَتها مُختلف وسائل الإعلام في يوميّ انتخاب المُغتربين والمُنتشرين حول العالم، وعديدةٌ هي المُلاحظات والتّعليقات التي طافت على صفحات مواقع التّواصل الإجتماعي، إلا أنّ المشهد كان مُختلفاً في بلدٍ واحدٍ، هناك حيث ظهر لبنان بأبهى حُلَلِه، وبعزّ نشاطه، وبأقصى أمله وجنونه…
المشهدُ من الإمارات قَلَبَ كلّ المقاييس، والصوّرة من أبو ظبي ودبي تكلّمت وحرَّكت فينا ما اعتقدنا أنّه مات وانكسر بفعل اليأس والإحباط، وشدّت فينا العصب والعزم، ومدّتنا بجرعة من الحماسة لم نكن نعرف أننا نفتقدها على بُعد ساعاتٍ من موعدنا مع الاقتراع يوم الأحد المُقبل.
إحتلَّت الإمارات مرتبةً مُتقدّمة في ترتيب المُغتربين الأكثر اقتراعاً، ولكن بعيداً عن النّسب والأرقام، تصدّرت هذه الدّولة من دون منازعٍ في الحماسة وفي نبض الشباب الذين غادروا مُكرهين بلدهم الى دولة فَتَحت لهم يديها وآفاقها وقدّمت لهم ما فقدوه في لبنان من كرامةٍ ومن فرصةٍ حقيقيّة لأن يحلموا ويعملوا ويحصدوا. لبنان في قلب الإمارات بالفِعل… وبالصّورة.
عددٌ كبيرٌ منهم غادَرَ بعد “الثورة. هناك من خِسِر وظيفَتَه في لبنان، وهناك من خَسِرَ بعض ما جمعه من مالٍ في المصارف، ومن بينهم أيضاً من ترَكَ عائلته وأطفاله ليؤمِّن لهم عيشاً كريماً، ولكن، ورغم الخيبة الكبيرة، أصرّ لبنانيّو الإمارات على المُشاركة في الإنتخابات، على التّغيير ولو من بعيد. تجمهروا، رقصوا، غنّوا، إنتظروا طويلاً في طابور الأمل، ومن ثمّ صوّتوا للبُنانهم، لوطنٍ يحلمون أن يعودوا إليه والى من بَقِي فيه يوماً ما…
مشهدُ الذين ركضوا مع حقائب السّفر الى مراكز الاقتراع هو الأجمل وهو المُضحك والمبكي في آنٍ معاً. فرحُهم وهم يهبّون للإقتراع في الدقائق الأخيرة مُشابه لشعور العودة الى الوطن. ربما صوّتوا ليُكرّروا المشهد نفسه يوماً ما، وهم يعودون أدراجهم هذه المرة الى وَطَنهم لبنان.
لبنانيّو العالم، وتحديداً الإمارات لقّنونا درساً في الوطنيّة، وفي الشّغف، وفي الاندفاع، وفي “التغيير” المُمكن تماماً كما العودة.
قد نلتقي يوماً ما من جديد عندما يعود الوطن إلينا… سنقترعُ لنستقبلكم راكضين بفرحٍ إلينا…
ch23