لا يزال السلوك الانتخابي للطائفة السنّية احد اهم الاسرار والألغاز التي ينتظر جميع المعنيين بالانتخابات النيابية المقبلة معرفتها، خصوصا ان التوجه الذي سيأخذه الرأي العام السنّي سيكون اللاعب الابرز الذي سيحدد نتيجة الانتخابات النيابية في عدد كبير من الدوائر، لا بل سيكون العامل الحاسم في تحديد هوية الاكثرية النيابية المقبلة.
حتى اللحظة، وفي ظل كل المؤشرات التي تخرج عن استطلاعات الرأي الاساسية، وفي ظل عدم تحرك جذري وواضح وعلني للسفارة السعودية، يتجه السنّة، وتحديدا جمهور تيار المستقبل الى مقاطعة الانتخابات وعدم اعطاء اصواتهم لاي لائحة في الدوائر السنّية الاساسية..
مقاطعة تيار المستقبل للحياة السياسية ستنعكس على الانتخابات مقاطعة شعبية ما سيؤدي الى نجاح معيّن للرئيس سعد الحريري، اذ ان نسبة المشاركة السلبية للشارع السنّي (المقاطعة) في الانتخابات ستكون اعلى من نسبة جمهور تيار المستقبل، لكن الممتعضين من السلطة والقوى السياسية والذين سيقاطعون الانتخابات سيتم احتسابهم سياسيا على المتجاوبين مع مقاطعة الحريري.
سيخرج تيار المستقبل معلنا ان الغالبية العظمى من الطائفة السنّية تكتلت حوله وقاطعت الانتخابات ليعيد تجديد شرعيته الشعبية من دون ان يشارك حتى في الاستحقاق النيابي، الامر الذي سيؤدي حتما الى تحقيق نتائج سياسية فورية منها العودة للعب دور مباشر في الحياة السياسية وانهاء اي فرصة لاي خصم سياسي لوراثة حالته الشعبية.
الهدف الثاني الذي سيحققه تيار المستقبل هو حجز مقعد على طاولة الحوار المقبلة او طاولة التسوية المقبلة بوصفه قوة سياسية حافظت على حجمها السياسي وهو ما لم تكن قادرة عليه لو خاضت الانتخابات.
الهدف الثالث، سيعود تيار المستقبل من جديد قوة امر واقع لا يمكن للمملكة العربية السعودية تخطيها او تجاوزها، خصوصا ان الرياض راغبة بالعودة السياسية التدريجية على الساحة اللبنانية في ظل التسويات الحاصلة في الاقليم وبين طهران وواشنطن، لذلك فإن عودة النفوذ السعودي لا يمكن ان يحصل الا عبر القوى السياسية السنّية.
مكتسبات سياسية كثيرة وكبيرة سيحققها تيار المستقبل من المقاطعة في حال نجحت وهذا ما قد يشجع جمهوره على التجاوب معه خصوصا ان القوى البديلة غير قادرة على القيام استقطاب جدي ولا على استخدام هائل للمال السياسي، لذلك فإن التيار يتجه لتحقيق نجاح سياسي بشكل او بآخر.
في المقابل يرى خصوم تيار المستقبل او الذين يعملون على ملء الفراغ الانتخابي الذي تركه، ان المقاطعة السنيّة ليست صحية بل ستكون مشابهة في نتائجها السياسية للمقاطعة المسيحية بداية التسعينيات من القرن الماضي، اذ لن يكون سهلا استعادة الحضور السياسي بعد مقاطعة شاملة تستغلها القوى السياسية التي تخاصم الواقع السياسي السنيّ، ويالتالي قد يصبح اغلب الحضور السنيّ خارج السلطة لسنوات مقبلة..
lebanon24