كثيرة هي المؤشرات السياسية التي اوحت خلال الاسابيع الاخيرة ان التوترات الامنية والعسكرية قد تكون عائدة بقوة الى المنطقة، خصوصا لجهة الكباش الكبير الحاصل بين ايران وحلفائها وبين تل ابيب الامر الذي يضع المنطقة على صفيح ساخن خلال الايام والاسابيع المقبلة التي قد تشهد تدهورا دراماتيكيا في الاحداث على اكثر من صعيد.
بإنتظار المناورة العسكرية الاسرائيلية الكبرى والتي تحاكي الحرب على اكثر من جبهة، والتي أُجلت لاكثر من سنة بعد معركة سيف القدس، اكد الامين العام لـ”حزب الله السيد حسن نصرالله ان الحزب سيكون في استنفار كبير جدا وقد اجرى مناورات صامتة خلال المرحلة الماضية شملت معظم وحدات الحزب العسكرية. تصريحات نصرالله جاءت لتضع حدا امام اي محاولة اسرائيلية لتجاوز قواعد الاشتباك الحالية عبر عمل عسكري او امني اسرائيلي غير محسوب النتائج.
لكن، وفي موازاة محاولة الحزب تكريس قواعد الاشتباك السابقة المتعلقة حصرا بردع اسرائيل، اعلن نصرالله بدء مرحلة جديدة من الصراع مع اسرائيل متحدثا بشكل رسمي بلسان الايرانيين اذ اكد ان ايران لن تسكت عن استهداف قواتها بعد اليوم بل سترد وبشكل مباشر، واستكمل نصرالله كلامه في الخطاب نفسه بالتأكيد بأن الحزب بدوره سيرد بشكل سريع جدا وحاسم على اي اعتداء يتعرض له مهما كان شكله.
هذه التصريحات تعني اولا ان ايران قد ترد على اسرائيل من الاراضي الايرانية وليس فقط من الاراضي السورية ما يرفع مستوى الردع الى حدود قياسية ويجعل من اي خطوة اسرائيلية غير محسوبة في سوريا محركا محتملا لحرب مباشرة مع طهران. الاهم في هذا الامر هو انه يبدّل كل قواعد الاشتباك الجوية المرتبطة بالساحة السورية والتي كانت سائدة في السنوات الخمس الماضية، وعليه ستصبح الغارات الاسرائيلية غير قابلة للاحتواء ايرانيا.
وفي ما يتعلق بالخط الاحمر المرتبط بحزب الله، فهو نقل قواعد الردع من لبنان عبر استنساخها في سوريا، فتهديدات نصرالله لا تقدم اي معطى جديدا اذا كانت مرتبطة فقط في لبنان، فالتهديد بالرد السريع على الساحة اللبنانية امر ساري المفعول، اما “الرد بالزمان والمكان المناسبين” فقد كان مرتبطا بالساحة السورية. فكيف ستتعاطى تل ابيب مع محاولة تكبيلها وانهاء مرحلة تفوقها التكتيكي؟
في غزة ايضا، صرح مسؤول حركة حماس يحيى السنوار ان القوى الحليفة للحركة، اي ايران وحلفاؤها، يستعدون لفك الحصار البحري عن غزة، وهذا يعد من اخطر الخطوات واهمها، في اطار تغيير قواعد الاشتباك مع الاسرائيليين.. كل ذلك يحصل على وقع المفاوضات النووية وتمهيد الولايات المتحدة الأميركية اعلاميا للقبول بالشروط الايرانية المرتبطة بالحرس الثوري، فهل ستكون المنطقة امام جولة مفاوضات كبرى تحت النار؟
lebanon24