تبقى النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون مثار جدل في حركتها الفردية في القضاء، وشكّلت حالة خاصة لم تشهدها هذه المؤسسة من قبل سواء في تحريك الملفات، ولاسيما منها المالية، بناء على إخبارات وشكاوى، والعمل باستقلالية من دون التنسيق مع رؤسائها في الخطوات التي اتخذتها على صعيد الملفات التي عالجتها، او لجهة تقيد القاضي بمندرجات الأصول المعتادة حتى وُصفت بالقاضية “المتمردة”.
لقد ذهبت الى أبعد ما طالب به نادي القضاة منذ ثورة “الواتساب” التي خاضها قضاته ما اعتبره مجلس القضاء الأعلى في الولاية السابقة تجاوزاً للخطوط الحمر التي يفرضها موجب التحفظ عن القاضي، وانتهت حركته بصدور العلم والخبر بتوقيع الوزير السابق للداخلية والبلديات نهاد المشنوق قبل مغادرته الوزارة. بيد ان النادي حافظ في خطواته على سقف التمسك بالأصول ولم يخرج عن طاعة القضاء في الخطوط العريضة، وحملت مواقفه في البيانات التي أطلقها سمة المطالبة العامة للجسم القضائي في سبيل تحصين القضاء وتعزيز إستقلاليته من دون ان تتخطى حدّ خرق موجب التحفظ في ملفات عالقة أمام أيّ منهم.
ولعله المأخذ على القاضية عون في بعض تغريداتها أو سفرها الى فرنسا مطلع نيسان الجاري من دون الحصول على إذن خطي من وزير العدل وفق ما تقتضيه الأصول لسفر القاضي خارج البلاد، وتناولها في ندوة في مجلس الشيوخ الفرنسي بعض القضاء من دون تسمية وقانون الإثراء غير المشروع وملفات لا تزال عالقة، ما اعتبرته أوساط في قصر العدل تجاوزاً لمبدأ سرّية التحقيق الذي لا يزال مفتوحاً ولم يصل الى خواتيمه، بعدما أخذت مصادر قانونية عليها تجاوزها القانون بعدم تبلّغها طلبين لردّها في الملف المصرفي والدعوى العامة التي أقامتها في حق حاكم مصرف لبنان في وقت سابق، ووجود دعوى مخاصمة الدولة التي من مفاعيلها رفع القاضي المعني يده عن الملف لدى تقديمها امام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، الى تناول القاضية عون احد القضاة في تغريدة ثم اعتذارها منه في تغريدة أخرى.
ومسألة سفر القاضية عون تناولها إجتماع مجلس القضاء الأعلى في اجتماعه الأخير برئاسة القاضي سهيل عبود. وطلب المجلس من التفتيش القضائي الاستماع الى القاضية عون في صددها. ووفق المعطيات فإن رئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد لم يتخذ أي قرار في هذا الشأن بعد. ومعلوم أن طابع تحقيقات التفتيش القضائي مسلكية تنتهي الى الحفظ أو بالإحالة على المجلس التأديبي. وكان مجلس التفتيش القضائي أحال في اواخر آذار الماضي القاضية عون على المجلس التأديبي بموجب قرار أصدره في عدد من الشكاوى أمامه.
ولا تزال هذه الإحالة في إطار المراوحة في انتظار تعيين رئيس للهيئة التأديبية الإبتدائية يكون أعلى درجة من النائبة العامة الإستئنافية في جبل لبنان، وهو شرط ملزم، على ان يرتبط هذا التعيين بموافقة القاضي الذي سينظر بهذه الإحالة. وبحسب المادة 85 من قانون القضاء العدلي، فإن المجلس التأديبي للقضاة من رئيس غرفة لدى محكمة التمييز رئيساً وعضوية رئيسَي غرفة لدى محكمة الإستئناف يعيّنهم رئيس مجلس القضاء الأعلى عند بداية السنة القضائية وله ان يعين بديلاً لأي منهم عند الغياب أو التعذر. وتفسر معطيات هذه الأوساط المراوحة بوضع إحالة القاضية عون على نار هادئة راهناً.
وكانت عون قد غردت ” الحق في التعبير هو حق من حقوق الإنسان كيف يحرم منه قاض مهمته الدفاع عن هذه الحقوق.موجب التحفظ يعني فقط سلوكا محايدا للقاضي وعلى مسافة واحدة من الكل لا منعه من التعبيرعندما يتعرض لاشنع الهجمات او عندما تتعالى السنة الفساد لكب الحرام عليه او عندما يدافع عن الانتهاك الصارخ للعدالة”.
https://twitter.com/ghadaaoun4/status/1516705037849927683?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1516705037849927683%7Ctwgr%5E%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Fch23.com%2Farticle%2F347679%2FD987D984-D98AD8B3D8AAD985D8B9-D8A7D984D8AAD981D8AAD98AD8B4-D8A7D984D982D8B6D8A7D8A6D98A-D984D8BAD8A7D8AFD8A9-D8B9D988D986-D89F